وصحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليهالسلام (١) قال : «سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان؟ فقال : يتصدق بما يجزئ عنه طعام مسكين لكل يوم».
قال في المدارك بعد نقل هذه الاخبار : ولم نقف للمفيد واتباعه على رواية تدل على ما ذكروه من التفصيل ، وقد اعترف بذلك الشيخ في التهذيب فقال بعد أن أورد عبارة المفيد : هذا الذي فصل به بين من يطيق الصيام بمشقة وبين من لا يطيقه أصلا لم أجد به حديثا مفصلا والأحاديث كلها على انه متى عجزا كفرا عنه. والذي حمله على هذا التفصيل هو انه ذهب الى ان الكفارة فرع على وجوب الصوم ، ومن ضعف عن الصيام ضعفا لا يقدر عليه جملة فإنه يسقط عنه وجوبه جملة لانه لا يحسن تكليفه بالصيام وحاله هذه وقد قال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلّا وُسْعَها) (٢) قال : وهذا ليس بصحيح لان وجوب الكفارة ليس بمبنى على وجوب الصوم ، إذ لا يمتنع أن يقول الله عزوجل : متى لم تطيقوا الصوم صارت مصلحتكم في الكفارة وسقط وجوب الصوم عنكم. وليس لأحدهما تعلق بالآخر.
قال في المدارك : هذا كلامه (قدسسره) وهو جيد لكن ما وجه به كلام المفيد لا وجه له فان التكليف بالصيام كما يسقط مع العجز عنه لإناطة التكليف بالوسع كذا يسقط مع المشقة الشديدة لأن العسر غير مراد لله تعالى. وأيضا فإنه لا خلاف في جواز الإفطار مع المشقة الشديدة وإنما الكلام في وجوب التكفير معه كما هو واضح. انتهى.
أقول : ما ذكره (قدسسره) من الاستدلال على كلام الشيخ جيد لكن قوله أخيرا ـ إنما الكلام في وجوب التكفير مع جواز الإفطار في صورة المشقة الشديدة ـ ليس بجيد فإنه لا كلام هنا ولا خلاف في وجوب الكفارة في هذه
__________________
(١) الوسائل الباب ١٥ ممن يصح منه الصوم.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٧.