الصورة إنما الكلام والخلاف في صورة العجز كما أشرنا إليه في صدر الكلام.
ثم نقل (قدسسره) عن العلامة في المختلف انه استدل على هذا التفصيل بقول الله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) (١) فإنه يدل بمفهومه على سقوط الفدية عن الذين لا يطيقونه. وبأصالة البراءة من وجوب التكفير مع العجز ومنع دلالة الروايات على الوجوب : اما رواية محمد بن مسلم فلاقتضائها نفى الحرج عنهما على الإفطار ونفى الحرج يفهم منه ثبوت التكليف وانما يتم مع القدرة ، واما روايتا الحلبي وعبد الملك الهاشمي فلأن موردهما من ضعف عن الصوم والضعف لا يستلزم العجز.
ثم قال (قدسسره) : ويتوجه عليه ان الآية الشريفة غير محمولة على ظاهرها بل اما منسوخة كما هو قول بعض المفسرين (٢) أو محمولة على ان المراد «وعلى الذين كان يطيقونه ثم عجزوا عنه» كما هو مروي في أخبارنا (٣) واما الروايات فهي بإطلاقها متناولة للحالين فان الضعف عن الصوم يتحقق بالعجز عنه وبالمشقة اللازمة منه وكذا نفى الحرج يتحقق مع الوصفين ، وبالجملة فالأحاديث مطلقة فيجب حملها على إطلاقها. انتهى.
أقول : تحقيق الكلام في المقام يرجع الى تحقيق معنى الآية أولا ثم بيان الكلام في الأخبار المذكورة :
اما الآية فما ذكره فيها من النسخ مبنى على ما قاله بعضهم من انه كان القادر على الصيام الذي لا عذر له في تركه مخيرا بين الصيام وبين الفدية لكل يوم نصف صاع وقيل مد ، وكان ذلك في صدر الإسلام حين فرض عليهم الصيام ولم يتعودا فرخص لهم في الإفطار والفدية ، ثم نسخ ذلك بقوله عزوجل : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٨١.
(٢) ارجع الى البيان لآية الله الخوئي ج ١ ص ٢٠٧.
(٣) ص ٤٢٠ رقم ٣.