تأويله بالحمل على الاعتكاف الواجب كما صرح به المحقق وغيره.
أقول : ويمكن ايضا ان يستند الشيخ في ذلك الى إطلاق روايتي عبد الرحمن ابن الحجاج وابى بصير المتقدمتين (١) من حيث دلالتهما على وجوب القضاء على الحائض بعد الطهر والمريض بعد البرء ، فان هذا الإطلاق إنما يتجه بناء على الوجوب بمجرد الشروع ، إلا ان قضية الجمع بينهما وبين صحيحتي محمد بن مسلم (٢) وأبى عبيدة (٣) الآتيتين تخصيص هذا الإطلاق بالصحيحتين المذكورتين.
واما القول الثاني فاستدل عليه في المختلف بأصالة عدم الوجوب وبراءة الذمة وبأنها عبادة مندوبة فلا تجب بالشروع فيها كغيرها من التطوعات. وفارقت الحج لورود الأمر فيه دون صورة النزاع ، ولان اليوم الأول والثاني متساويان فلو اقتضى الثاني وجوب الإتمام لاقتضاه الأول.
وفيه ان ما ذكره يتجه في الرد على القول الأول حيث لا دليل عليه دون القول الثالث لان الدليل عليه موجود ، وحينئذ فما ذكره من الاستدلال بالأصل مردود بأن الأصل يجب الخروج عنه بالدليل وسيأتي ان شاء الله تعالى. وباقي ما استدل به لا معنى له في مقابلة النص الصحيح الصريح في ذلك.
واما القول الثالث فيدل عليه ما رواه في الكافي في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليهالسلام (٤) قال : «إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف ، وان أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى تمضى ثلاثة أيام».
وما رواه في الصحيح عن ابى عبيدة عن ابى جعفر عليهالسلام في حديث (٥) قال «من اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار ان شاء زاد ثلاثة أيام أخر وان شاء
__________________
(١) ص ٤٧٧.
(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ٤ من الاعتكاف.