عليه انه تعمد الإفطار فلا يجب عليه القضاء كما لا يجب عليه الكفارة بالتقريب الذي ذكره ، وسيأتي لك نقل جملة من الأخبار التي تفصح عن صحة ما قلناه.
وثانيا ـ انه مع تسليم صحة ما ذكره من إطلاق الأمر من غير تقييد بالتعمد فتناول الأمر للجاهل ممنوع فانا لا نسلم تناول الأمر للجاهل لا في هذا الموضع ولا غيره إلا ما خرج بدليل خاص لما صرحوا به في جاهل الأصل من امتناع تكليف الغافل ، وهو (قدسسره) قد صرح بذلك في كتاب الصلاة في مبحث المكان واللباس حيث رجح صحة صلاة الجاهل بحكم الغصب كالجاهل بأصله ، فإنه قال في مبحث المكان ـ بعد نقل الاتفاق على صحة صلاة الجاهل بالغصب معللا له بان البطلان تابع للنهى وهو انما يتوجه الى العالم ـ ما لفظه : اما الجاهل بالحكم فقد قطع الأصحاب بأنه غير معذور وقوى بعض مشايخنا المحققين إلحاقه بجاهل الغصب لعين ما ذكر ولا يخلو من قوة. وقال في مبحث اللباس ـ بعد أن ذكر عدم بطلان صلاة جاهل الغصب ـ ما لفظه : ولا يبعد اشتراط العلم بالحكم ايضا لامتناع تكليف الغافل فلا يتوجه إليه النهي المقتضي للفساد. بل صرح بذلك قبل هذا المقام في مسألة الارتماس أيضا حيث نقل عن جده (قدسسره) ان المرتمس ناسيا يرتفع حدثه لعدم توجه النهي اليه وان الجاهل عامة ، ثم قال (قدسسره) وما ذكره (قدسسره) في حكم الناسي جيد لكن الأظهر مساواة الجاهل له لاشتراكهما في عدم توجه النهي إليهما. وحينئذ فكيف يدعى هنا ان الأمر بالقضاء يتناول العالم والجاهل مع فصله بينهما في هذه المواضع؟.
وثالثا ـ ان الرواية التي استند إليها في سقوط الكفارة دالة بعمومها على سقوط القضاء ايضا كما هو ظاهر ، مع تأيدها بالروايات المستفيضة الدالة على معذورية الجاهل كما تقدم في المقدمة الخامسة من مقدمات الكتاب (١) ومنها الروايتان المذكورتان هنا ، وحينئذ فمع تسليم ما منعناه أو لا نقول انه معارض بما دلت عليه
__________________
(١) ج ١ ص ٧٨.