.................................................................................................
__________________
تقدّم في أدلة لزوم المعاطاة (١) وبعموم الوفاء بالعقود بناء على صدق العقد على المعاطاة المقصود بها الإباحة.
وعليه فلو شكّ في اعتبار شيء فيها فالمرجع إطلاق هذه الأدلة المقتضي لعدم الاعتبار ، إذ الموضوع للحلّ ـ بناء على التمسك بطيب النفس ـ هو الطيب المتحقق بالتعاطي من دون دخل شيء في ذلك ، وهو كاف في دفع الشك في اعتبار الشرائط المعتبرة في البيع في المعاطاة المقصود بها الإباحة كتقدم الإيجاب على القبول ، وشرائط المتعاملين ، والعوضين ، وكاعتبار التقابض في الصرف ، والتساوي في المكيل والموزون ، وغير ذلك من الشرائط المعتبرة في البيع ، فإنّه لا دليل على اعتبار شيء منها في المعاطاة المذكورة.
فإن قلت : إنّ دليل النهي عن الغرر يوجب اعتبار العلم بالعوضين في المعاطاة.
قلت : إنّ النهي عن الغرر مختص بالبيع الذي ليس منه المعاطاة المذكورة ، والنهي عن الغرر مطلقا غير ثابت بنحو يعتمد عليه.
نعم بناء على التمسك بعموم الوفاء بالعقود يعتبر شروط العقد كالتنجيز فيه ، ويرجع إليه في رفع احتمال شروط أخر. لكن صدق العقد على المعاطاة المقصود بها الإباحة لا يخلو عن خفاء.
والتمسّك بالسيرة أيضا مشكل جدّا ، لعدم تحققها ، إذ المفروض ـ كما تقدم آنفا وسابقا ـ أنّ المعاطاة المتداولة بين الناس هي المقصود بها التمليك. والسيرة العقلائية كالمتشرعية جارية على معاملة الملك مع المأخوذ بالمعاطاة المزبورة.
ولا يخفى أن الموجود في الجواهر في الاستدلال على هذه الإباحة المعوضة هو الأدلة اللفظيّة المتقدّمة ، وليس فيها من السيرة عين ولا أثر. فلعلّ تعرض المصنف للسيرة لأجل استقصاء جهات البحث وإن لم يوجد بينهم من يعتمد عليها. ويمكن
__________________
(١) : راجع الجزء الأوّل من هذا الشرح ، ص ٥١٩