وذلك (١) لأنّه إذا أمره (٢) بعمل على عوض معيّن (٣) فعمله ، استحق الأجرة. ولو كانت (٤) هذه إجارة فاسدة لم يجز له العمل
______________________________________________________
غير طعام ، فإنّه قد اشتهر هدايا الثياب والدّواب من الملوك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّ مارية القبطية أمّ ولده كانت من الهدايا. وقال بعض الحنابلة : لا يفتقر الهبة إلى عقد ، بل المعاطاة والأفعال الدالة على الإيجاب والقبول كافية ، ولا يحتاج الى لفظ ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يهدي ويهدي إليه ، ويفرّق الصدقة ، ويأمر بتفرقتها ، ولم ينقل في ذلك لفظ إيجاب ولا قبول. ولو كان شرطا لأمر به ..» (١).
واستجوده المحقق والشهيد الثانيان ، ففي جامع المقاصد ـ بعد نقل المضمون ـ : «وهذا قوي متين» (٢).
وفي المسالك بعد نقل نصّ عبارة التذكرة : «وهو حسن» ثم قوّى إفادة الملك لا الإباحة المحضة ، فراجع (٣).
هذا تقريب جريان المعاطاة في الإجارة والهبة.
(١) هذا بيان مستند جريان المعاطاة في الإجارة والهبة ، وهو حكم العلّامة قدسسره في التذكرة في كلا البابين ، وقد تقدم مفصّلا.
(٢) أي : أمر الآمر صانعا بعمل على عوض.
(٣) لم يذكر العلّامة أجرة معيّنة ، فالظاهر أنّ المحقق الثاني استظهرها من التعارف والعادة القاضيين بتملّك المأمور لأجرة المثل أو للأجرة المتعارفة.
(٤) هذا استظهار المحقق الثاني من الفرع المذكور في التذكرة وغيرها ، وحاصله : أنّه يتعيّن توجيه استحقاق الأجرة بكفاية المعاطاة في باب الإجارة ، إذ لولاها لم يجز للمأمور التصرف في ثوب الآمر بخياطة وقصارة ، لكونه تصرفا في ملك الغير بلا إذن
__________________
(١) : تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٤١٥
(٢) جامع المقاصد ، ج ٩ ، ص ١٤٢
(٣) مسالك الافهام ، ج ٦ ، ص ١٢