يملكه من في ذمّته ، فيسقط عنه (١).
______________________________________________________
حقيقة ، لاختصاص التلف بالموجود الخارجي الذي يعرضه البوار والفناء ، إلّا أنّه بحكم التلف ، من جهة امتناع عود الساقط إلى الملك ، وذلك لأمرين مسلّمين :
أحدهما : أنّ الذمة لا وجود لها بنفسها ، بل تتشخّص بأطرافها من المالك والمملوك والمملوك عليه ، فيقال : إنّ ذمّة زيد مشغولة بمنّ من الحنطة لعمرو ، ولو لا فرض المالك والمملوك لا وجود في وعاء الاعتبار لذمة زيد. وعليه فإذا سقط شخص ما في الذمة ـ كما هو المفروض في بيع الدين ممن هو عليه ـ استحال عود شخص الساقط ، لاستلزام عوده تخلّل العدم في شخص واحد ، وهو محال ، كاستحالة إعادة المعدوم.
ثانيهما : أنّه إذا سقط شخص ما في الذمة استحال فرض بقاء ما في الذمة اعتبارا حتى يمكن اشتغال العهدة بمثل ذلك الساقط. وجه الاستحالة : أنّ الإنسان كما لا يملك شخص ما في ذمته ـ كما هو مبنى المصنف من السقوط بمجرد التملّك ـ فكذلك لا يملك مثل ما في ذمته ، فلو قلنا بعود الساقط وبقاء ما في الذمة لزم اجتماع اعتبارين متنافيين ، أحدهما : اعتبار سقوط ما في الذمة ، والآخر : اعتبار بقاء ما في الذمة أي عدم السقوط ، ومن المعلوم استحالة اجتماع هذين الاعتبارين ، هذا ما أفاده المحقق الأصفهاني قدسسره تعليلا لاستحالة عود الساقط بتوضيح منّا (١).
وعليه نقول : بأنّه لا وجه للرجوع إلى العوض الموجود وهو الكتاب ، ودفع بدله إلى عمرو. بل المعاطاة لازمة من أوّل الأمر ، إذ لو جاز لزم عود الدينار الساقط عن ذمة زيد إلى ذمّته مرّة أخرى ، وقد عرفت استحالته.
(١) هذا الضمير وضمير «ذمته» راجعان إلى «من» الموصولة المراد به المديون.
__________________
(١) : حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٥٥