والظاهر أنّه في حكم التلف (١) ، لأنّ (٢) الساقط لا يعود (*). ويحتمل (٣) العود ، وهو ضعيف (٤).
______________________________________________________
(١) يعني : فتكون المعاطاة لازمة حينئذ من أوّل الأمر ، لأنّ التلف ـ وما بحكمه ـ كما يكون ملزما للمعاطاة بقاء كذلك يكون ملزما لها حدوثا.
(٢) يعني : بعد أن كان سقوط ما في الذمة بمنزلة التلف فلا وجه لجواز الرجوع ، لأنّ أحد العوضين قد صار بمنزلة التلف الذي لا يعود ، فلا وجه للرجوع الذي موضوعه تراد العينين المفقود هنا بعد كون سقوط ما في الذمة بمنزلة التلف.
(٣) لعل منشأ احتماله ـ كما قيل ـ هو عدم كونه من إعادة المعدوم حتى يستحيل العود ، وذلك لأنّ الذمة أمر باق ، ولذا ينسب إليها الفراغ والخلوّ والاشتغال. وطبيعيّ المنّ من الحنطة مثلا كغيرها من الطبائع لا تلف لها ولا سقوط إلّا بالإضافة إلى دخولها في الذمة وخروجها عنها ، فدخولها فيها وخروجها عنها لا يغيّر الذمة ولا فيما فيها ، فلا يندرج ما في الذمة تحت عنوان إعادة المعدوم حتى يستحيل العود ، هذا.
(٤) وجه الضعف هو : أنّ المقام مندرج في إعادة المعدوم ، وذلك لأنّه لا معنى للذّمة المطلقة ، حيث إنّها ليست من الظروف والأوعية ، بل هي نحو ثبوت الشيء اعتبارا ، فالذمة تتشخّص بأطرافها ، وهي من له ومن عليه وما فيها ، فعودها يكون من إعادة المعدوم. ومع الشك يستصحب عدم العود ، لأنّه قبل الرجوع كان ملكا لمن انتقل إليه ، والأصل عدم عوده بالرجوع.
__________________
(*) هذا التعليل عليل ، لأنّ الموجب لذهاب الحق هو تلف موضوعه المفروض تحققه بسقوط ما في الذمة ، فلا معنى لجواز الرجوع بعد ارتفاع موضوعه وإن فرض عوده ، لأنّ سقوط الحق قد حصل بذهاب الموضوع ، والمعاد وجود آخر غير الوجود الذي كان موضوعا للحق ، فجواز الرجوع حينئذ حق جديد لا دليل عليه ، بل الدليل على خلافه ، إذ الوجود الثاني غير مورد المعاطاة المتحققة سابقا.