لأنّ (١) الوجوب بمعنى الاشتراط ـ كما فيما نحن فيه ـ هو الأصل (*).
______________________________________________________
(١) تعليل لقوله : «لا لأصالة» وغرضه منع جريان أصالة عدم وجوب التوكيل ، بتقريب : أنّ مقتضى الأصل عدم سببية ما شكّ في سببيّته ، من جهة احتمال اشتراطه بشرط مفقود ، فلا يحكم بتحقق المسبب كالملكية إلّا بعد وجود جميع ما يحتمل دخله في سببية السبب.
وبعبارة أخرى : أصالة عدم وجوب التوكيل لا مجرى لها في المقام ، سواء أريد بها الاستصحاب أي أصالة عدم الجعل ، أم أريد بها أصالة البراءة.
وجه عدم الجريان : أنّ المشكوك فيه ليس هو الوجوب التكليفي ـ كالشك في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ـ حتّى يدفع بأصالة عدم وجوبه ، بل هو الوجوب الوضعي بمعنى اشتراط صحة بيع الأخرس ـ وسائر معاملاته ـ بالتوكيل عند قدرته عليه ، ومن المعلوم أنّ أصالة الفساد المحكّمة في المعاملات تقتضي الاشتراط ، إذ بدون التوكيل يشك في تأثير إشارة الأخرس في مقام الإنشاء ، فتأمّل.
__________________
(*) كون الأصل هو الاشتراط مبنيّ على عدم عموم أو إطلاق في أدلة المعاملات ، وإلّا فأصالة العموم تنفي الشرطية. ولعلّ مراد القائل بجريان أصالة عدم الوجوب ذلك ، فليس مراده الأصل العملي ، ومعها لا تصل النوبة إلى الأصل العملي ، وهو أصل عدم السببية أو عدم ترتب الأثر الذي هو المحكّم في المعاملات.
ثم إنّه قد يتوهم : أنّ وجه عدم جريان أصالة عدم الاشتراط هو عدم جريان أصالة البراءة في الأحكام الوضعية ، ولذا دفعه المحقق الإيرواني قدسسره بجريانها فيها ، مستدلّا على ذلك باستدلال الامام عليهالسلام بحديث الرفع على بطلان طلاق المكره وعتاقه ، (١) ، فلاحظ.
لكن الإنصاف أنّه ليس وجه عدم جريان أصالة عدم الوجوب ذلك ، بل ما أفاده المصنف من فحوى ما ورد من عدم اعتبار اللفظ في طلاق الأخرس ، ومن المعلوم أنّه
__________________
(١) : حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٨٩