وتردّد جماعة (١) في انعقاد الإجارة بلفظ بيع المنفعة.
وقد ذكر جماعة (٢) جواز المزارعة بكلّ لفظ يدلّ على تسليم الأرض للمزارعة.
______________________________________________________
ووافقه في المنع المحقق والشهيد الثانيان (١).
وعلى تقدير الجواز فلا ريب في كون العارية مجازا في «تمليك المنفعة بعوض معيّن» عند وجود القرينة والقصد إلى تمليك المنفعة وأخذ العوض ، فتمام المناط في انعقاد الإجارة بلفظ العارية هو القصد إلى تمليك المنفعة سواء أكان الدالّ عليه حقيقة أم كناية أم مجازا. وعليه فيكون فتوى المحقق دليلا على صحة التجوّز في صيغ العقود.
(١) كالمحقق والشهيد في اللمعة ، قال في الشرائع : «وكذا ـ أي لم تصح الإجارة ـ لو قال : بعتك سكناها سنة ، لاختصاص لفظ البيع بنقل الأعيان ، وفيه تردّد» (٢). ووجه التردّد : أنّ البيع موضوع لنقل الأعيان ، فلا ينشأ به نقل المنافع ، فلا يجوز ، وأنّه مع التصريح بقصد تمليك المنفعة ينبغي الجواز.
وكيف كان فنفس تردّد المحقق قدسسره شاهد على عدم اعتبار الصراحة في صيغ العقود ، إذ لو كانت معتبرة فيها لم يبق وجه للتردد ، بل تعيّن الحكم بالبطلان.
(٢) كالمحقق والعلّامة وغيرهما قدسسرهم ، قال في الشرائع : «وعبارتها أن يقول : زارعتك ، أو : ازرع هذه الأرض أو سلّمتها إليك ـ وما جرى مجراه ـ مدّة معلومة بحصّة من حاصلها». وزاد العلامة في التذكرة على الصيغ المذكورة ألفاظا أخرى وهي : «أو قبّلتها بزراعتها أو بالعمل فيها مدة معلومة .. أو خذ هذه الأرض على هذه المعاملة وما أشبه ذلك ، ولا تنحصر في لفظ معيّن ، بل كل ما يؤدّي هذا المعنى» وفي القواعد زيادة صيغة «عاملتك» (٣).
__________________
(١) : جامع المقاصد ، ج ٥ ، ص ٨٣ ، مسالك الأفهام ، ج ٥ ، ص ١٧٣
(٢) شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ١٧٩ ، الروضة البهية ، ج ٤ ، ص ٣٢٨
(٣) شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ١٤٩ ، تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٣٣٧ ، قواعد الأحكام ، ص ٩٤ (الطبعة الحجرية).