الوضع ، إذ (١) لا يعقل (*) الفرق في الوضوح ـ الذي هو مناط الصراحة ـ بين إفادة لفظ للمطلب بحكم الوضع ، أو إفادته له بضميمة لفظ آخر يدلّ بالوضع على إرادة المطلب من ذلك اللفظ. وهذا بخلاف اللفظ الذي يكون دلالته على المطلب لمقارنة حال (٢) أو سبق مقال (٣) خارج عن العقد ، فإنّ الاعتماد عليه (٤) في متفاهم المتعاقدين وإن كان من المجازات القريبة جدّا.
______________________________________________________
وهذا معنى رجوع دلالة مثل «تصدّقت ومتّعت» إلى الوضع ، يعني : أنّ القرينة تكون دلالتها وضعية ، فتعيّن المراد من ذي القرينة ببركة الوضع.
(١) تعليل لقوله : «والأحسن منه» وقد عرفت توضيحه.
(٢) كما إذا أسّس مكانا للصلاة فيه وعلم من حاله أنّه يريد جعله مسجدا ، ولكنّه اقتصر في صيغة الوقف على قوله : «تصدّقت» بدون تعقيبه بقوله : «صدقة لاتباع ولا توهب ولا تورث» فإنّ العلم بالوقفية وإن كان حاصلا من قرينة حالية ، ولكن هذا الإنشاء لا يكفي في مقام الوقف ـ بناء على توجيه المصنف ـ لخلوّ الصيغة عن القرينة اللفظية المعيّنة للمراد.
(٣) كما إذا تقاول الرجل والمرأة على النكاح الدائم بدون ذكر قرينة في صيغة العقد ، كما إذا قالت : «متّعتك نفسي بكذا» فإنّ القرينة المقالية السابقة على العقد غير كافية حينئذ ، بل لا بد أن يؤتي بقيد الدوام في نفس العقد.
(٤) أي : فإنّ الاعتماد على المقترن بالعقد ـ من حال أو مقال سابق عليه ـ رجوع عمّا أسّسوه من دوران صحة العقود مدار الأقوال.
__________________
(*) عدم معقولية الفرق في الوضوح ـ بناء على كون مناط الصراحة مطلق الوضوح في المراد وإن نشأ من القرينة ـ وإن كان متينا ، لكنه يوجب عدم الفرق حينئذ بين القرينة اللفظية وغيرها ، لأنّ ظهور اللفظ في المراد وإن كان بمعونة قرينة حالية أيضا لفظي ، فيكون الإنشاء باللفظ الظاهر في المقصود ، لا بغيره حتى يكون عدولا عما بنى