.................................................................................................
__________________
كان الإخبار صدقا ، لأنّ الأخبار ليس عن ذلك ، بل عن جوده الموجود بالفرض.
فلو كان المعنى المكنيّ عنه من قبيل الدواعي وكان الإخبار عن كثرة الرماد حقيقة لكان الصدق والكذب تابعين للمخبر به ، وهو كثرة الرّماد وعدمها. مع أنّه ليس كذلك عند أبناء المحاورة ، إذ مناط الصدق عندهم في هذا الكلام هو كون زيد جوادا ، لا ذا كثرة الرّماد حقيقة. فالمعاني التي وضعت لها الألفاظ في باب الكنايات مرادة بالإرادة الاستعمالية دون الإرادة الجدّية ، فإنّ المراد بهذه الإرادة هو المعنى المكنيّ عنه.
هذا حال الأخبار بالكناية. وكذا الحال في الإنشاء بها ، فقوله : «خذ هذا الكتاب وأعطني درهما عوضه» إنشاء بيع كناية ، لأنّ الكناية ليست إنشاء للازم أو إخبارا به حتى يكون الملزوم مرادا بنحو الداعي ، بل المخبر به والمنشأ هو نفس الملزوم بالاستعمال الصوري في المعاني الإفرادية ، فهذا الاستعمال آلة للإخبار والإنشاء.
ومن هنا يظهر الفرق بين المعاني الكنائية والمعاني الالتزامية ، ضرورة أنّه في الدلالة الالتزاميّة يقع الأخبار حقيقة عن الملزوم ، ثم يدلّ المعنى المطابقي ـ وهو الملزوم ـ على اللازم ، فالدالّ على المعنى الالتزامي هو المعنى المطابقي ، فهو من باب دلالة المعنى على المعنى ، فقوله : «طلعت الشمس» ليس إلّا إخبارا عن طلوعها الذي هو يدلّ على وجود النهار ، ومن المعلوم أنّه من دلالة المعنى على المعنى ، لا من دلالة اللفظ على المعنى.
فالمتحصل : أنّه لا مانع عن إنشاء المعاملة المسببية بالكنايات.
نعم يعتبر في الإنشاء بها أن يكون المعنى المنشأ المكني عنه من لوازم أو ملزومات المعاني الموضوع لها التي تستعمل فيها الألفاظ استعمالا صوريّا ، بحيث تكون تلك الألفاظ المستعملة في معانيها آلة لإيجاد المعنى المكنيّ عنه بحسب المحاورات العرفية. وليس هذا شأن كل لازم وملزوم ، مثلا قوله : «خذ هذا المتاع وأعطني درهما عوضه» يكون آلة عند أبناء المحاورة لإيجاد البيع ، بخلاف قوله : «أنت