.................................................................................................
__________________
أحدها : الفرق بين الحكايات والإيجاديات ، بتأدّي الأولى بكلّ لفظ غير خارج عن أسلوب المحاورة ولو مجازا أو كناية ، وعدم تأدّي الثانية كذلك ، بل بما هو آلة لإيجادها ومصداق لعنوانها ، فلا يكون إيجاد اللّازم أو الملازم إيجادا للملزوم أو الملازم الآخر.
ثانيها : أنّ الكناية ليست من المجاز ، لكون الألفاظ فيها مستعملة في معانيها الموضوع لها ، غاية الأمر أنّ استعمال الألفاظ في معانيها الحقيقية يكون بداعي الانتقال منها إلى ملزومها أو لازمها.
ثالثها : أنّ الأغراض الداعية إلى استعمال الألفاظ خارجة عن حيّز العقود والإيقاعات ، لعدم كون الألفاظ مستعملة في معانيها الموضوعة لها ، ومع عدم الاستعمال فيها لا تصلح تلك الألفاظ لإنشاء العقود بها.
رابعها : انصراف أدلة العقود عن العقود المنشئة بتبعية إيجاد لوازمها ، لكمال ضعف هذا النحو من الإيجاد بحيث تنصرف أدلة العقود عنها ، ومع الشكّ في دخولها تحت العموم ، فالأصل عدم ترتب الأثر عليها (١) ، هذا.
أقول : ما أفاده قدسسره لا يخلو من التأمل والغموض ، إذ لا فرق في جواز استعمال الكنايات بين الإخبار والإنشاء. توضيحه : أنّ الألفاظ في باب الكنايات لا تستعمل إلّا في معانيها الحقيقيّة للدلالة على المعنى المكنيّ عنه ، فالأخبار في باب الكناية إخبار حقيقة عن المكنيّ عنه ، لا عن المعنى المستعمل فيه الذي هو الموضوع له ، فقوله : «زيد كثير الرّماد» مثلا ليس إخبارا عن كثرة الرّماد حقيقة ، بل هو إخبار عن جوده.
والشاهد على ذلك أنّ مناط الصدق والكذب عند أبناء المحاورة في مثل «زيد كثير الرماد» هو مطابقة المعنى المكنيّ عنه للواقع وعدمها ، لا مطابقة المعاني الموضوعة لها للواقع وعدمها ، فلو لم يكن لزيد كثرة الرماد ولا الرّماد أصلا ، ولكن كان جوادا
__________________
(١) : منية الطالب ، ج ١ ، ص ١٠٥