جائزا من الطرفين وكان نسبتها إليهما على وجه سواء ، وليس الالتزام الحاصل من أحدهما أمرا مغايرا للالتزام الحاصل من الآخر ـ كان (١) البادي منهما موجبا ، لصدق الموجب عليه (٢) لغة وعرفا. ثمّ لما انعقد الإجماع (*) على توقف العقد على القبول (٣) لزم أن يكون الالتزام الحاصل من الآخر بلفظ القبول ، إذ لو قال أيضا : «صالحتك» كان إيجابا آخر ، فيلزم تركّب العقد من إيجابين (٤). وتحقّق من جميع ذلك (٥) : أنّ تقديم القبول في الصلح أيضا (٦) غير جائز ، إذ لا قبول فيه بغير لفظ : «قبلت ورضيت» وقد عرفت (٧) أنّ «قبلت ورضيت»
______________________________________________________
وتركّبه من إيجابين ، وهو ممنوع. وحيث إنّ لفظ «قبلت» مما يلزم تأخّره عن الإيجاب ـ لأنّه ليس مطلق الرّضا بالإيجاب ، بل هو الرّضا المتضمن للنقل في الحال إلى الموجب ـ تعيّن تأخره عن إيجاب الصلح.
(١) جواب قوله : «فلمّا كان ..» وقد عرفت وجه تعيّن البادي بالإنشاء في الإيجاب ، والمتأخر في القبول.
(٢) أي : صدق الموجب على البادي. ووجهه تصدّيه لإنشاء عنوان الصلح بقوله : «صالحتك» فهو المصالح بحسب اللغة ، لتلبسه بالعنوان ، وكذا بحسب العرف.
(٣) يعني : فلا يجوز إنشاء قبول الصلح مقدّما على الإيجاب ، لعدم دلالته على نقل العوض في الحال ، مع أنّه لا بد في القبول من دلالته عليه.
(٤) ومن المعلوم عدم كون الإيجابين المنضم أحدهما إلى الآخر عقدا.
(٥) المشار إليه قوله : «وأمّا المصالحة المشتملة على المعاوضة» إلى قوله : «فيلزم تركّب العقد من إيجابين».
(٦) يعني : كما لا يجوز في كل عقد معاوضي ينشأ قبوله بلفظ «قبلت ورضيت».
(٧) يعني قبوله : «لأنّ المشتري ناقل كالبائع ، وهذا لا يتحقق إلّا مع تأخّر
__________________
(١) لا يخفى أنّه قد تقدم منه قدسسره قريبا كون المتيقن من الإجماع هو اعتبار القبول بالمعنى الشامل للرّضا بالإيجاب ، ومن المعلوم حصول هذا بلفظ «صالحتك» أيضا.