ونحوها (١) قبول المصالحة المتضمنة للإسقاط والتمليك بغير عوض.
وأمّا المصالحة (٢) المشتملة على المعاوضة فلمّا كان ابتداء الالتزام بها
______________________________________________________
(١) يعني : ونحو القبول في الهبة والرّهن والقرض قبول الصلح المتضمّن لإسقاط ما في الذمة ، أو حقّ ، أو المتضمن للتمليك بغير عوض ، إذ ليس في قبولها التزام بشيء ، بل ليس إلّا الرّضا بالإيجاب ، فيجوز تقديم القبول فيها على الإيجاب.
(٢) محصّله : إبداء الفرق بين المصالحة المتضمنة للإسقاط أو التمليك بغير عوض ، وبين المصالحة المشتملة على المعاوضة. وحاصل الفرق بينهما هو : أنّ الالتزام القبولي ليس مغايرا للالتزام الإيجابي ، فالبادي منهما لا محالة يتصف بالإيجاب ، لصدق الإيجاب ـ وهو إنشاء التسالم ـ لغة وعرفا عليه ، فلو كان الإنشاء التسالمي المتأخر مثله لتركّب العقد من إيجابين. والإجماع قام على توقف العقد على القبول ، فلا بدّ من إنشاء القبول بلفظ القبول ونحوه ممّا يفيده حتى يتألف العقد من إيجاب وقبول ، ومن المعلوم اعتبار تأخّر لفظ «قبلت» عن الإيجاب.
وبعبارة أخرى : انّ هنا أمرين يقتضيان إنشاء قبول المصالحة المعوّضة بلفظ «قبلت» ويتعيّن تأخّره عن الإيجاب.
الأوّل : أنّه يجوز لكل واحد من المتصالحين الابتداء بإنشاء الصلح ، فكلّ مصالح ومتصالح. ووجهه : استواء نسبة عنوان «الصلح» إليهما. وليست المصالحة كالبيع في كون أحد طرفي المعاملة بائعا وموجبا ، والآخر قابلا ومشتريا ، فإذا أرادا المصالحة على الكتاب بدينار جاز لكلّ منهما إنشاء المعاملة ، ولا يتعيّن الإيجاب من مالك الكتاب كما كان في البيع.
الثاني : أنّ الإجماع انعقد على توقف عنوان العقد على إيجاب أحد الطرفين وقبول الآخر له ، ولا يحصل عقد بإيجابين وإن كانا مرتبطين.
ونتيجة هذين الأمرين : أنّه يتعيّن إنشاء قبول الصلح بلفظ «قبلت» إذ لو أنشأ كلّ منهما بلفظ «صالحت» ـ بمقتضى جوازه لهما ـ لزم خلوّ عقد الصلح من قبول ،