البيع التزام بنقل ماله إلى البائع ، بل لا ينشأ به معنى غير الرّضا بفعل الموجب. وقد تقدّم (١) أنّ الرّضا يجوز تعلّقه بأمر مترقّب كما يجوز تعلقه بأمر محقّق ، فيجوز أن يقول : «رضيت برهنك هذا عندي» فيقول : «رهنت».
والتحقيق (٢) عدم الجواز ، لأنّ اعتبار القبول فيه من جهة تحقق عنوان المرتهن. ولا يخفى (٣) أنه لا يصدق الارتهان على قبول الشخص إلّا بعد تحقق الرّهن ، لأنّ (٤) الإيجاب إنشاء للفعل (*) والقبول إنشاء للانفعال (*).
وكذا (٥) القبول في الهبة والقرض ، فإنّه لا يحصل من إنشاء القبول فيهما التزام بشيء ، وإنّما يحصل به الرّضا بفعل الموجب.
______________________________________________________
(١) حيث قال : «إنّ الرّضا بشيء لا يستلزم تحققه قبله ، فقد يرضى الإنسان بالأمر المستقيل ..» راجع (ص ٤٤٢).
(٢) غرضه عدم جواز تقديم القبول على الإيجاب في هذا القسم الثاني ، لأنّ القبول إنشاء للانفعال المترتّب على الفعل الذي هو الإيجاب ، فإنّ عنوان «المرتهن ، والمقترض» مثلا لا يتحققان إلّا بعد حصول الإيجاب ، هذا.
وفيه : أنّ عنوان المرتهن يتحقق بالرّضا بحصول الرّهن ، ولا يتوقف على إنشاء القبول بمفهوم يتضمن معنى المطاوعة. وقد تقدم منه قدسسره عدم نهوض دليل على اعتبار إنشاء القبول بمفهوم متضمّن لمعنى المطاوعة.
(٣) يعني : ومن المعلوم أنّ «الارتهان» يكون على هيئة «الافتعال» الذي أشرب فيه مطاوعة فعل الغير.
(٤) تعليل لقوله : «لا يصدق إلّا بعد تحقق الرّهن» ومحصله : أنّ إنشاء الرّهن إنشاء للفعل ، وقبول الرهن إنشاء لمطاوعة فعل الراهن.
(٥) يعني : أنّ القبول في عقدي الهبة والقرض يكون كقبول الرّهن في أنّهما من حيث عدم تضمّنهما إنشاء نقل مال إلى الموجب ـ ينبغي جواز تقديمهما على الإيجاب ، لكن مانع تقديم «ارتهنت» وهو المطاوعة مانع عن تقديم «اتهبت واقترضت».