الرّضا بالإيجاب كالوكالة والعارية وشبههما (١) ، فتقديم القبول على الإيجاب لا يكون إلّا في القسم الثاني (٢) من كلّ من القسمين (٣).
______________________________________________________
الوجه الأوّل جواز تقديم القبول في الهبة والقرض. ومقتضى الوجه الثاني لزوم تأخير قبولهما ، هذا.
أقول : لا يبعد أن يكون مقصود المصنف قدسسره من تجويز تقديم القبول في الهبة والقرض في الوجه الأوّل هو إنشاء قبولهما بغير لفظ «اتهبت واقترضت» كما إذا أنشأ المتهب والمقترض ب «ملكت وتملكت» فإنّه لا مانع من تقديم هذا القبول ، لأنّه مجرّد الرّضا بالإيجاب ، بلا دلالة على المطاوعة.
ومقصوده قدسسره في الوجه الثاني من امتناع تقديم قبول الهبة والقرض هو إنشاؤه بما يدلّ على المطاوعة ، كقول المتهب والمقترض «اتهبت ، اقترضت» فإنّه من جهة ظهوره في الانفعال بالإيجاب يتعيّن تأخّره عنه كتأخر «قبلت».
وبهذا لا يبقى منافاة بين الوجهين ، وإن كان الوجه الثاني أوفى بيانا لأقسام قبول العقود ، ولذا تعرّض فيه لتقديم قبول العقود الإذنية كالوكالة ، ولم يتعرض له في الوجه الأوّل.
(١) كالوديعة من العقود الجائزة.
(٢) وهو ما أشار إليه بقوله : «أو متغايرا كالاشتراء» وحاصله : كون الالتزام القبولي مغايرا للالتزام الإيجابي ، فإنّ الالتزام الإيجابي البيعيّ في اعتبار العرف هو نقل المال على أن يكون معوّضا عن مال الغير ، والالتزام الشرائي في اعتبارهم هو نقل ماله على أن يكون عوضا عن مال الغير.
(٣) قد عرفت الوجه الثاني من وجهي القسم الأوّل. وأمّا الوجه الثاني من وجهي القسم الثاني فهو كون القبول مجرّد الرّضا بالإيجاب من دون اعتبار المطاوعة فيه. وقد أشار إليه بقوله : «وإمّا إن لا يثبت فيه اعتبار أزيد من الرضا بالإيجاب .. إلخ».