.................................................................................................
__________________
حينئذ مبني على كون القبول العقدي انفعالا متضمنا لمعنى المطاوعة. وذلك ممنوع ، لأنّ الانفعال ـ الذي هو التأثر ـ في قبال الفعل وهو التأثير ، وإحداث الأثر لا يتصوّر في القبول العقدي ، لأنّ مورد التأثّر إمّا هو المال ، لعروض الانتقال عليه ، فيتأثر المال بالابتياع والانتقال. وإمّا هو القابل ، فكأنّ الموجب بنقل ماله إلى المشتري بعوض يؤثّر في المشتري ، وهو يتأثّر به.
إذ يلزم على الأوّل أن يكون القبول العقدي صفة للمال دون المشتري ، فلا يصحّ جعل المشتري قابلا ، بل القابل هو المال. ومن البديهي أنّ القابل هو المشتري لا المال ، كما أنّ الموجب هو البائع لا المبيع ، فإنّ الموجب والقابل وصفان للمتعاملين لا العوضين. كما لا يخفى.
ويلزم على الثاني أن يصحّ إنشاء القبول بلفظ «انفعلت وتأثّرت» وفساده بمكان من الوضوح.
إلّا أن يقال : إنّ عدم صحة إنشاء القبول بلفظ «انفعلت وتأثّرت» يحتمل أن يكون تعبّدا محضا.
لكن فيه : أنّه لم يثبت تعبّد هنا ، فلاحظ.
والذي يشهد بعدم كون القبول العقدي انفعالا : أنّه لا يستعمل شيء من ألفاظ القبول إلّا متعدّيا ، ومن المعلوم أنّ التعدّي ينافي معنى الانفعال ، فليس القبول العقدي ـ وإن كان بلفظه ـ انفعالا للإيجاب ، بل هو عبارة عن مجرّد الرّضا بالإيجاب الذي هو نقل الموجب ماله إلى المشتري أصالة ، ونقل مال المشتري إليه تضمنا.
وبعبارة أخرى : التأثير وهو تمليك المبيع أصالة ، والتأثّر وهو تملّك مال المشتري تبعا كلاهما مستند إلى الموجب ، وناش من إيجابه ، ولا يصدر من المشتري إلّا صرف الرّضا بهذين التأثير والتأثر. وحيث إنّ هذا الرّضا قائم بالصورة الذهنية كالطلب فلا يتوقف على وجود الإيجاب خارجا فعلا ، بل يكفي وجود الإيجاب خارجا