.................................................................................................
__________________
وفيه أوّلا : أنّ الالتزام بصحة العقد من حين الإيجاب بأن يكون القبول كاشفا عن صحته كذلك حقيقة أو حكما ممّا لا مانع عنه ، لما مرّ مرارا من أنّ الموجب ينشئ تمام ماهية العقد ، فالقبول كاشف ـ كالإجازة في الفضولي ـ فيكون القبول قبولا لتمام مضمون الإيجاب من دون محذور.
هذا ما أفيد ، لكنه لا يخلو من تأمّل ، وجهه : أنّ جعل القبول كاشفا لا جزء السبب المؤثّر في المسبب خلاف مقتضى العقد ، لأنّ مقتضاه كون كلا الإنشائين سببا ، لا كون القبول واسطة إثباتية ، وإلّا كان إيقاعا لا عقدا.
وثانيا : أنّ مضمون الإيجاب ليس إلّا مجرّد التمليك أو التبديل بين المالين ، من دون دخل للزمان فيه بأن يكون التبديل مقيّدا بزمان الإيجاب ، إلّا أنّ ترتب الأثر عليه عرفا وشرعا منوط بضم القبول إليه.
وبعبارة أخرى : الزمان ظرف لتحقق المسبّبات لا قيد لها ، فالقبول ـ بعد ضمّه إلى الإيجاب ـ يؤثّر في الأمر الاعتباري العقلائي والشرعي ، فمضمون الإيجاب هو النقل الإنشائي ، وأمّا الأمر الاعتباري فهو يترتب على القبول الذي هو قبول لتمام المضمون في الصورتين ، وهما : كون مضمون الإيجاب النقل من الحين ، أو كون مضمونه مجرّد النقل الإنشائي ، والعلقة الاعتبارية تترتب على القبول ، ففي كلتا الصورتين يكون القبول قبولا لتمام مضمون الإيجاب من دون محذور.
فتحصل من جميع ما ذكرناه أمور :
الأوّل : أنّ العقد والبيع والتجارة والإجارة والصلح وغيرها من أنواع العقود أسام للمسبّبات التي ليست هي من الأمور التدريجية الوجود ، ولا من مقولة الألفاظ حتى تلاحظ فيها الموالاة المقوّمة للهيئة الاتصالية ، فليس العقد هو السبب أعني الإيجاب والقبول حتى يكون مركّبا تدريجيا اعتبر فيه الموالاة ، إذ لازمه انتفاء العقد بوجود القبول ، لانعدام الألفاظ ، ولا معنى لوجود العقد مع انعدامها. وقد تقدّم أنّ العقد هو نفس الرّبط