.................................................................................................
__________________
الثاني : برهان إنّي ، وهو : أنّ لغويّة الإيجاب بفسخ الموجب له قبل تمامية القبول تكشف إنّا عن شرطيّة رضا الموجب إلى زمان القبول المتمّم للعقد الذي هو الموضوع للأمر الاعتباري ، إذ لو لم يكن الرّضا شرطا كذلك لم يؤثّر الفسخ ، حيث إنّ ما يهدمه الفسخ عين ما يعمّره الرّضا ، هذا.
وفيه : ما لا يخفى ، ضرورة أنّ لغوية الإيجاب إنّما هي بسبب الفسخ ، لأنّ الالتزام ينحلّ حقيقة به ، فلا يبقى بعد الفسخ إيجاب حتى ينضمّ إليه القبول ويرتبط به حتى يحصل منهما عقد. فلغوية الإيجاب بفسخ الموجب أجنبية عن المقام ، فلا تكشف عن اعتبار رضا الموجب حال إنشاء القابل ، وعن تحقق معنى التعاقد.
وهذا بخلاف الموت والنوم والإغماء ، فإنّها لا توجب انحلال الالتزام ، ولذا لا تبطل العهود والالتزامات بالموت إلّا ما ليس التزاما حقيقة كالعقود الجائزة ، فلو أوجب البائع ومات ـ فضلا عن الجنون والنوم ـ وقبل المشتري تمّ موضوع الاعتبار ، غاية الأمر أنّ وارث الموجب يقوم مقامه ، لانتقال المال إليه قبل قبول المشتري.
وبالجملة : فالشرط في لحوق القبول بالإيجاب حتى يتحقق العقد هو بقاء الالتزام الإيجابي وعدم انحلاله بالفسخ ، لا بقاء الموجب على شرائط الإنشاء إلى تمامية القبول.
وكذا لا يشترط أهلية القابل لشرائط الإنشاء حين الإنشاء الإيجابي ، فلو كان محجورا لصغر أو فلس أو سفه أو نحوها وزال الحجر بعد إنشاء الإيجاب وقبل الإيجاب كان ذلك عقدا عرفيا. فعدم الأهلية المانع عن اعتبار الرّضا شرعا بالإيجاب حين إنشائه لا يمنع عن تحقق العقد العرفي كما أفاده المصنف قدسسره. فلا ينبغي جعل الحجر شرعا مانعا عن تحقق المعاهدة العرفية ، بل هو مانع عن تأثير العقد شرعا.
نعم إذا كان الحجر للجنون أو عدم التمييز فمنع تحقق المعاهدة عرفا في محلّه. وأمّا إذا كان لتعلّق حقّ الغير كحقّ المرتهن والغرماء فمنع المعاهدة العرفيّة غير ظاهر جدّا.