.................................................................................................
__________________
التعاهد والتعاقد ، لأنّ المعتبر فيه عرفا رضا كلّ منهما لما ينشئه الآخر حين إنشائه ، كمن يعرض له الحجر .. إلخ» فإنّه صريح في كون الرّضا دخيلا في مفهوم العقد ، لا أنّه شرط تعبدي في العقد العرفي ، هذا.
ولكن فيه ما لا يخفى ، فإنّه مصادرة واضحة ، لأنّ دخل الرضا في مفهوم العقد العرفي أول الكلام ، بل المعلوم خلافه ، وإلّا لكان عقد المكره والصبي المميّز والرّاهن بدون إذن المرتهن والمفلّس وغيرهم من المحجورين عن التصرف غير قابل للإجازة ، لعدم كونه عقدا عرفيّا على الفرض ، مع القطع بأنّها عقود عرفية قابلة للتأثير بالإجازة.
ودعوى : كون جميعها خارجة بالإجماع كما ترى ، لأنّ الإجماع لا يجعل غير العقد عقدا ، بل يخرج العقد العرفي الباطل شرعا ـ بلسان العموم ـ عن القواعد المقتضية للبطلان ، فيكون الإجماع مخصّصا لعموم ما دلّ على بطلان العقد بعدم الرّضا حقيقة كعقد المكره ، أو تنزيلا كعقد المحجور بفلس أو سفه أو غيرهما ، فإنّ رضاهما كالعدم شرعا.
وما أفاده المحقق الإيرواني في توجيه كلام المصنف قدسسره بقوله : «لعلّ المراد أنّ رضاهما بعد أن كان في نظر الشارع كلا رضا ، والمفروض أنّ رضاهما مما يعتبر في تحقق مفهوم التعاهد لا جرم كان تعاهدهما في نظره بمنزلة العدم ، فلا يكون عقدهما عقدا معتبرا شرعا وإن كان عقدا عرفيا ذا أثر عرفي» (١).
لا يخلو من غموض ، لأنّ تنزيل رضا المحجور عليه شرعا بمنزلة العدم في ترتب الأثر الشرعي لا يخرج العقد عن مفهومه العرفي الذي لا يعتبر فيه الرّضا ، ولذا كان عقد المكره عقدا حقيقة مع عدم الرّضا به حين إنشائه.
والحاصل : أنّ العقد الفاقد للرّضا حقيقة أو تنزيلا عقد عرفي غير مؤثّر شرعا ، فليس الرّضا مقوّما لمفهوم العقد العرفي كما هو واضح.
__________________
(١) : حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٩٣