يجوز أن يكتفي كلّ منهما بما يقتضيه مذهبه (١) أم لا؟ وجوه ، ثالثها : اشتراط عدم كون العقد المركّب منهما ممّا لا قائل بكونه سببا في النقل ، كما لو فرضنا أنّه
______________________________________________________
الثالث : التفصيل بين أن يكون العقد المركّب منهما ممّا لا قائل بسببيته للنقل فيبطل ، وأن لا يكون ممّن لا قائل بسببيّته فيصح.
مثاله : ما لو قال المشتري بجواز تقديم القبول على الإيجاب ، مع قوله بعدم جواز العقد بالفارسي ، وقال البائع بجواز العقد بالفارسيّ ، فقدّم المشتري القبول باللّفظ العربي عملا بمذهبه ، وأوجب البائع بالفارسيّ عملا بمذهبه ، فحصل من ذلك عقد فارسي مقدّم القبول. ومن المعلوم أنّ القائل بالعربية يعتبرها في جميع العقد المركب من الإيجاب والقبول ، فمع كون الإيجاب فارسيّا لا يكون العقد عربيّا ، بل يصدق عليه العقد بالفارسي في الجملة. فالقائل باعتبار العربية يحكم بفساد العقد المزبور من جهة عدم العربية ، والقائل بوجوب تأخير القبول عن الإيجاب يحكم بفساده من جهة تقدّم القبول ، فلا يوجد قائل بسببيّة هذا العقد للنقل.
ومثال ما إذا وجد قائل بسببيته هو : أن يكون القائل باعتبار العربية موجبا ، فأوجب بالعربية ، وقبل الآخر بالفارسية ، فإنّه يوجد قائل بسببيّة هذا العقد ، لأنّ من لا يعتبر العربية يقول بسببيته ، مع فرض تقدّم إيجابه على قبوله.
(١) بمعنى الإكتفاء بما يقتضيه مذهبه بالنسبة إلى خصوص ما يصدر منه ، وأمّا بالنسبة إلى الصادر من الآخر فيعمل بما يقتضيه مذهبه ، لا مذهب نفسه ، فإذا اختلفا في اعتبار العربية ، وكان القائل باعتبارها موجبا كفى صدور الإيجاب منه بالعربية ، وإن كان القبول بالفارسية. فلا يلزم أن يقع القبول بالعربي أيضا ، بل يكتفي في القبول بمذهب القابل ، فيكون كلّ من الإيجاب والقبول صحيحا بمذهب منشئه فقط ، فاجتهاد كلّ واحد منهما أو تقليده حجة على الآخر ، وإلّا فحجية اجتهاد كلّ منهما في تمام العقد تقتضي فساده.