.................................................................................................
__________________
لاستلزامه تقدم الشيء على نفسه ، فحقيقة البيع المسبّبي ليست إلّا مبادلة مال بمال ، ولا يعقل تقييدها بسبب خاص.
وعلى هذا فالمبادلة لا تتوقف على سبب خاص من إيجاب وقبول ، بل كما تحصل بهما كذلك تتحقق بقول أحدهما : «ملّكتك هذا الكتاب بدرهم» والآخر : «ملّكتك درهما بكتابك هذا». بل تتحقّق بإيجاب بدون قبول ، كقول وكيل المتبايعين : «بادلت بين المالين» وقول سيّد العبد والأمة : «زوّجت عبدي فلانا أمتي فلانة» من دون حاجة إلى القبول.
فتوهّم اعتبار القبول والمطاوعة في البيع لا منشأ له إلّا شيوع إيقاع المعاملات بالإيجاب والقبول ، أو الخلط بين البيع السببي والمسبّبي ، ومن المعلوم عدم صلاحية شيء منهما للاعتبار.
فالمتحصل : أنّ حقيقة البيع ـ وهي المبادلة بين المالين ـ تحصل بالإيجاب والقبول تارة ، وبالإيجاب المجرّد اخرى كالوكيل من الطرفين أو الوليّ عليهما ، وثالثة بالإيجابين كتمليك عين بمال صاحبه ، وبالعكس ، فلا تتقوم ماهية البيع بخصوص الإيجاب والقبول حتى يكون منشئ الأوّل موجبا ومنشئ الثاني قابلا.
وعلى هذا فإذا تبادلا عروضين أو نقدين كان ذلك بيعا عرفيا أي «مبادلة بين مالين» من دون حاجة إلى صدق البائع على أحدهما والمشتري على الآخر.
وإن أبيت عن ذلك ، فلا مانع من صدق البائع والمشتري على كل منهما ، لأنّ كل واحد منهما باعتبار إعطاء سلعته بعوض موجب ، وباعتبار أخذه سلعة الغير قابل. وعليه فلا حاجة في إطلاق البائع عليهما في قوله : «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» إلى إعمال عناية التغليب.
نعم في ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على البائع والمشتري بعنوانهما يراعى العلم الإجمالي ، فتجري فيها الأصول العملية ، إذ لا تميّز لهما في مقام الإثبات ، إلّا