حتى يتحقق تمليك ضمنيّ مقصود للمتكلم والمخاطب كما (١) كان مقصودا ـ ولو إجمالا (٢) ـ في مسألة «أعتق عبدك عنّي» ولذا (٣) عدّ العامة والخاصة من الأصوليين دلالة هذا الكلام على التمليك من دلالة الاقتضاء التي عرّفوها بأنّها دلالة مقصودة للمتكلم يتوقف صحة الكلام عقلا أو شرعا عليه (٤) ، فمثّلوا للعقلي بقوله تعالى (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) وللشرعي بهذا المثال (٥) ، ومن المعلوم بحكم الفرض (٦) أنّ المقصود فيما نحن فيه ليس إلّا مجرد الإباحة.
______________________________________________________
حمل الإباحة هنا على التمليك ممنوع من جهتين : الأولى : عدم قصد المبيح تمليك ماله. الثانية : عدم قصد المخاطب التملّك ، فلو فرض قصد المبيح للتمليك امتنع تحققه من جهة انتفاء قصد التملك من المخاطب.
(١) يعني : أنّ قصد التمليك وإن لم يتوقف على قصده بالاستقلال ، إلّا أنّ قصده ضمنا ممّا لا بدّ منه ، كما كان هذا التمليك الضمني مقصودا في الوكالة المتحققة بقول الآمر لمالك العبد : «أعتق عبدك عنّي» حيث يقصد الآمر الموكّل تملّك العبد ، ويقصد المأمور تمليك عبد نفسه للآمر ، ثم عتقه عنه. والمفروض في المقام انتفاء قصد التمليك والتملّك.
(٢) المراد بالقصد الإجمالي هو : أنّ الآمر لو التفت إلى توقف العتق الصحيح على تملّكه للعبد المعتق لوكّل سيّده في التمليك.
(٣) أي : ولأجل القصد الإجمالي عدّوا دلالة هذا الكلام على التمليك من دلالة الاقتضاء التي هي مقصودة للمتكلّم ، وتتوقف صحة الكلام عقلا عليها كسؤال القرية ونحوها من الجمادات ، أو شرعا كالمثال المذكور ، وهو قوله : «أعتق عبدك عنّي» ومن المعلوم أنّ قصد التمليك ولو إجمالا مفقود في المقام ، إذ ليس قصد المبيح غير الإباحة ، فدلالة الاقتضاء هنا مفقودة.
(٤) أي : على دلالة الاقتضاء ، والأولى تأنيث الضمير.
(٥) أي : بقول الآمر : «أعتق عبدك عنّي».
(٦) إذ المفروض كون الوجهين الأخيرين ـ وهما الإباحة في مقابل المال ،