الإلصاق : حقيقة أو مجازا نحو : مسحت برأسي ، «مررت بزيد».
قال ابن الخطيب (١) ـ رحمهالله تعالى ـ : فرّع أصحاب أبي حنيفة ـ رحمهالله ـ على «باء» الإلصاق مسائل :
إحداها : قال محمّد ـ رحمهالله تعالى ـ في «الزيادات» : إذا قال لأمرأته : أنت طالق بمشيئة الله ، لا يقع الطلاق ؛ وهو كقوله : أنت طالق إن شاء الله ، ولو قال : لم يشأ الله يقع ؛ لأنه أخرجه مخرج التعليل ، وكذلك أنت طالق بمشيئة (٢) الله تعالى لا يقع الطلاق ، ولو قال أو بإرادة (٣) الله لا يقع ، [ولو قال لإرادة الله يقع](٤) أما إذا قال : أنت طالق بعلم الله ، أو لعلم الله ، فإنّه يقع في الوجهين ، ولا بد من الفرق.
وثانيها : في باب الأيمان لو قال : إن خرجت من هذه الدار إلّا بإذني ، فأنت طالق ، تحتاج في كلّ مرة إلى إذنه ، ولو قال : إن خرجت إلّا أن آذن لك ، فأذن لها مرّة كفى ، ولا بدّ من الفرق.
وثالثها : لو قال : طلّقي نفسك ثلاثا بألف ، فطلقت نفسها واحدة ، وقعت بثلث الألف ، وذلك أنّ الباء تدلّ على البدليّة ، فيوزع البدل على المبدل ، فصار بإزاء كلّ طلقة ثلث الألف ، ولو قال : طلّقي نفسك ثلاثا على ألف ، فطلقت نفسها واحدة ، لم يقع عند أبي حنيفة ؛ لأنّ لفظة «على» كلمة شرط (٥) ولم يوجد الشرط ، وعند صاحبيه يقع واحدة بثلث الألف دلّت وها هنا مسائل متعلّقة بالباء.
قال أبو حنيفة رضي الله عنه : الثّمن إنّما يتميز عن المثمّن بدخول «الباء» عليه ، فإذا قلت : بعت كذا بكذا ، فالذي دخل عليه «الباء» هو الثّمن وعلى هذا تبنى مسألة البيع الفاسد ، فإذا قال بعت هذا الكرباس من الخمر صحّ البيع ، والعقد فاسد.
وإذا قال : بعث هذا الخمر ، فالكرباس لم يصحّ ، وله الفرق في الصورة الأولى : أنّ الخمر ثمن ، وفي الثّانية الخمر مثمّن ، وجعل الخمر مثمنا لا يجوز.
ومنها قال الشّافعيّ ـ رضي الله تعالى عنه ـ : إذا قال : بعتك هذا الثّوب بهذا الدّرهم تعيّن ذلك الدّرهم.
وعند أبي حنيفة ـ رحمهالله ـ لا يتعيّن.
والسّببيّة : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا) [النساء : ١٦٠] أي : بسبب ظلمهم.
__________________
(١) ينظر الفخر الرازي : ١ / ٨٧.
(٢) في ب : بإرادة.
(٣) في ب : لإرادة.
(٤) سقط في ب.
(٥) زاد في أ : وهذا بدل الشرط المحذوف إلى شرط.