يتناول فعلا من أفعالنا ، وذلك الفعل ، هو لفظنا وقولنا ، فوجب أن يكون المراد : ابدءوا ب «بسم الله».
وقال صاحب «البحر المحيط» : اختلف الناس : هل الاسم عين المسمّى ، أو غيره؟
وهي مسألة طويلة تكلم الناس فيها قديما وحديثا ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
واستشكلوا على كونه هو المسمى إضافته إليه ؛ فإنّه يلزم منه إضافة الشيء إلى نفسه.
وأجاب أبو البقاء (١) ـ رحمهالله ـ عن ذلك بثلاثة أجوبة :
أجودها : أنّ الاسم ـ هنا ـ بمعنى التّسمية ، والتسمية غير الاسم ؛ لأنّ التسمية هي : اللّفظ بالاسم ، والاسم هو : اللّازم للمسمى ؛ فتغايرا.
الثّاني : أن في الكلام حذف مضاف تقدير : بسم مسمّى الله.
الثالث : أنّ لفظ «اسم» زائد ؛ كقوله : [الطويل]
١٨ ـ إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما |
|
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر (٢) |
أي : السّلام عليكما.
وقول ذي الرّمّة (٣) : [البسيط]
١٩ ـ لا ينعش الطّرف إلا ما تخوّنه |
|
داع يناديه باسم الماء مبغوم (٤) |
__________________
(١) عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين الإمام ، محب الدين أبو البقاء العكبري البغدادي الضرير الحنبلي ، صاحب الإعراب ، مات ليلة الأحد ثامن ربيع الآخر سنة ست عشر وستمائة. ينظر : بغية الوعاة : ٢ / ٣٨ ـ ٣٩.
(٢) البيت للبيد بن ربيعة : ينظر ديوانه : ص ٢١٤ ، والأغاني : ١٣ / ٤٠ ، وخزانة الأدب : ٤ / ٣٣٧ ، ٣٤٠ ، ٣٤٢ ، والخصائص : ٣ / ٢٩ ، ولسان العرب : (عذر) ، وشرح المفصل : ٣ / ١٤ ، والعقد الفريد : ٢ / ٧٨ ، ٣ / ٥٧ ، وبغية الوعاة : ١ / ٤٢٩ ، والدرر : ٥ / ١٥ ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٣٧٥ ، والمنصف : ٣ / ١٣٥ ، والأشباه والنظائر : ٧ / ٩٦ ، وشرح الأشموني : ٢ / ٣٠٧ ، وشرح عمدة الحافظ : ص ٥٠٧ ، والمقرب : ١ / ٢١٣ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٤٩ ، ١٥٨ ، وأمالي الزجاجي : ص ٦٣ ، وشرح ديوان الحماسة : ٢ / ٨٩٤ ، وتأويل المشكل : ٢٥٥ ، ومجاز القرآن : ١ / ١٦ ، والطبري : ١ / ٨ ، والنكت والعيون : ١ / ٤٧ ، والدر : ١ / ٥٢.
(٣) غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي ، من مضر ، أبو الحارث ، ذو الرمة : شاعر من فحول الطبقة الثانية في عصره. قال أبو عمرو بن العلاء : فتح الشعر ب «امرىء القيس» ، وختم ب «ذي الرمة». كان أكثر شعره تشبيبا وبكاء أطلال ، يذهب في ذلك مذهب الجاهليين ، وكان مقيما بالبادية ويحضر إلى اليمامة والبصرة كثيرا ، وامتاز بإجادة التشبيه. ولد سنة (٧٧ ه) وتوفي ب «أصبهان» وقيل : ب «البادية» سنة ١١٧ ه.
انظر : وفيات : ١ / ٤٠٤ ، والشعر والشعراء : ٢٠٦ ، والأعلام : ٥ / ١٢٤.
(٤) ينظر : ديوانه : ص ٣٩٠ ، وخزانة الأدب : ٤ / ٣٤٤ ، والخصائص : ٣ / ٢٩ ، ومراتب النحويين : ص ٣٨ ، وشرح المفصل : ٣ / ١٤ ، وشرح الأشموني : ٣ / ٢١٢ ، واللسان : «خون» ، والدر : ١ / ٥٣.