وإليه ذهب أبو عبيدة (١) ، والأخفش (٢) وقطرب (٣) ـ رحمهمالله ـ واختلفوا في معنى الزيادة :
فقال الأخفش : «ليخرج من حكم القسم إلى قصد التّبرّك».
وقال قطرب : «زيد للإجلال والتّعظيم». وهذان الوجهان ضعيفان ؛ لأنّ الزيادة ، والحذف لا يصار إليهما إلّا إذا اضطرّ إليهما.
ومن هذا القبيل ـ أعني ما يوهم إضافة الشيء إلى نفسه ـ إضافة الاسم إلى اللّقب ، والموصوف ، إلى صفته ؛ نحو : «سعيد كرز» و «زيد قفّة» و «مسجد الجامع» و «بقلة الحمقاء» ؛ ولكنّ النّحويّين أوّلوا النوع الأوّل بأنّ جعلوا الاسم بمعنى المسمّى ، واللّقب بمعنى اللفظ ، فتقديره : جاءني مسمّى هذا اللفظ ، وفي الثاني جعلوه على حذف مضاف ، فتقدير «بقلة الحمقاء» : «بقلة الحبّة الحمقاء» ، و «مسجد الجامع» : «مسجد المكان الجامع».
واختلف النحويون في اشتقاقه (٤) :
فذهب أهل «البصرة» : إلى أنّه مشتقّ من السّموّ ، وهو [العلوّ و](٥) الارتفاع ؛ لأنّه يدلّ على مسمّاه ، فيرفعه ويظهره.
__________________
(١) ينظر : مجاز القرآن : ١ / ١٦.
(٢) سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء ، البلخي ثم البصري ، أبو الحسن ، المعروف ب «الأخفش الأوسط» : نحويّ ، عالم باللغة والأدب ، من أهل بلخ ـ سكن البصرة ، وأخذ العربية عن سيبويه ، وصنّف كتبا منها : «تفسير معاني القرآن» ، و «شرح أبيات المعاني» ، وكتب أخرى. وزاد في العروض بحر «الخبب» ، وكان الخليل قد جعل البحور خمسة عشر فأصبحت ستة عشر. توفي سنة ٢١٥ ه. انظر وفيات : ١ / ٢٠٨ ، وإنباه الرواة : ٢ / ٣٦ ، والأعلام : ٣ / ١٠١.
(٣) محمد بن المستنير بن أحمد ، الشهير بقطرب ، نحوي ، عالم بالأدب واللغة ، من أهل البصرة ، كان يرى رأي المعتزلة النظامية ، وهو أول من وضع المثلث في اللغة ، من مصنفاته : معاني القرآن ، النوادر ، الأضداد ، غريب الحديث وغيرها توفي في ٢٠٦ ه.
ينظر وفيات الأعيان : ١ / ٤٩٤ ، وتاريخ بغداد : ٢ / ٢٩٨ ، وشذرات الذهب : ٢ / ١٥ ، والأعلام : ٧ / ٩٥.
(٤) اشتقاق الاسم عند المحققين من النحويين من السمو ، وهو الارتفاع ، ومحل مرتفع : فهو ظاهر ، والاسم يظهر المسمى عند السامع ، فاشتق من السمو لذلك ، وقد قيل : إنما اشتق الاسم من السمو ؛ لكون الكلام على ثلاثة أقسام ، وضع لكل قسم عبارة ، وكان الاسم المقدم ؛ فأعطي أرفع العبارات ، وكان الحرف المتأخر ؛ إذ لا معنى له في ذاته ، فأعطي أحط العبارات ، وكان الفعل واسطة بينهما فتوسط اسمه.
وذهب قوم إلى أن اشتقاق الاسم من السّمة ؛ وهي العلامة ، والاسم جعل دلالة على المسمى ، وهذا تبطله صناعة العربية ؛ إذ لو كان مشتقا من السمة ، لقيل في تصغيره : وسيم ، ولا يقال ذلك إنما يقال في تصغيره : سمي ، وكذلك في جمعه : أسماء برد لام الفعل. والتكبير والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها ، فصح أن اشتقاقه من السمو. انظر العلوم المستودعة في السبع الثماني : ١٨ خ أ.
(٥) سقط في ب.