فذهب أهل البصرة : إلى أن المتعلّق اسم.
وذهب أهل «الكوفة» : إلى أنّه فعل.
واختلف كلّ من الفريقين :
فذهب بعض البصريّين : إلى أنّ ذلك المحذوف مبتدأ حذف هو ، وخبره ، وبقي معموله ، تقديره : ابتدائي بسم الله كائن أو مستقرّ ، أو قراءتي بسم الله كائنة أو مستقرة ؛ وفيه نظر : من حيث إنّه يلزم حذف المصدر ، وإبقاء معموله وهو ممنوع. وقد نصّ مكّيّ (١) ـ رحمهالله تعالى ـ على منع هذا الوجه.
وذهب بعضهم : إلى أنّه خبر حذف هو ومبتدؤه ـ أيضا ـ ، وبقي معموله قائما مقامه ؛ والتقدير : ابتدائي كائن بسم الله ، نحو : «زيد بمكّة» ، فهو على الأول : منصوب المحلّ ، وعلى الثاني : مرفوعه ؛ لقيامه مقام الخبر.
وذهب بعض الكوفيّين : إلى أنّ ذلك الفعل المحذوف مقدر قبله ، قال : لأنّ الأصل التقديم ؛ والتقدير : أقرأ بسم الله ، أو أبتدىء بسم الله.
ومنهم من قدره بعده ، والتقدير : بسم الله أقرأ ، أو أبتدىء ، أو أتلو.
وإلى هذا نحا الزّمخشري (٢) ـ رحمهالله ـ قال (٣) : «ليفيد التقديم الاختصاص ؛ لأنه وقع ردّا على الكفرة الذين كانوا يبدءون بأسماء آلهتهم ؛ كقولهم : باسم اللّات ، وباسم العزّى» وهذا حسن جدّا.
ثم اعترض على نفسه بقوله تبارك وتعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) حيث صرّح بهذا العامل مقدما على معموله.
ثم أجاب : بأنّ تقديم الفعل في سورة العلق أوقع ؛ لأنّها أول سورة نزلت ؛ فكان الأمر بالقراءة أهمّ.
وأجاب غيره : بأنّ «بسم ربّك» ليس تعلقا ب «اقرأ» الذي قبله ، بل ب «اقرأ» الذي
__________________
(١) ينظر المشكل : ١ / ٦.
(٢) محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي ، الزمخشري ، جار الله أبو القاسم ، ولد سنة ٤٦٧ ه في زمخشر (من قرى خوارزم) ، من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب ، سافر إلى مكة فجاور بها زمنا ؛ فلقب ب «جار الله». أشهر كتبه : «الكشاف» ، و «أساس البلاغة» ، و «المفصل» ، ومن كتبه : «المقامات» و «مقدمة الأدب» و «نوافع الكلم» و «ربيع الأبرار». توفي ب «الجرجانية» ، ب «خوارزم» سنة ٥٣٨ ه.
ينظر : وفيات الأعيان : ٢ / ٨١ ، ولسان الميزان : ٦ / ٤ ، والجواهر المضيئة : ٢ / ١٦٠ ، وآداب اللغة : ٣ / ٤٦ ، والأعلام : ٧ / ١٧٨.
(٣) ينظر الكشاف : ١ / ٣.