ونقل أبو البقاء (١) ـ رحمهالله ـ : «أنّ منهم من يرققها على كل حال وهذا ليس بشيء ؛ لإن العرب على خلافه كابرا عن كابر كما ذكره (٢) الزمخشريّ.
ونقل الفرّاء خلافا فيما إذا تقدمه فتحة ممالة أي قريبة من الكسرة : فمنهم من يرقّقها ، ومنهم من يفخّمها ، وذلك كقراءة السّوسيّ (٣) في أحد وجهيه : (حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) [البقرة : ٥٥].
قال ابن الخطيب (٤) ـ رحمهالله تعالى ـ : «لم يقل أحد : «الله» بالإمالة إلا قتيبة في بعض الروايات».
ونقل السّهيلي (٥) ، وابن العربيّ (٦) فيه قولا غريبا ، وهو أنّ الألف واللام فيه أصلية غير زائدة ، واعتذروا عن وصل الهمزة ، لكثرة الاستعمال كما يقول الخليل في همزة التعريف (٧) ، وقد ردّ قولهما بأنه كان ينبغي أن ينوّن لفظ الجلالة ، وكان وزنه حينئذ «فعّال» نحو : «لئّال» و «سئّال» ، وليس فيه ما يمنعه من التنوين ، فدلّ على أنّ «أل» زائدة على ماهية الكلمة.
ومن غريب ما نقل فيه ـ أيضا ـ أنّه ليس بعربيّ ، بل هو معرّب ، وهو سريانيّ الوضع ، وأصله : «لاها» فعرّبته العرب ، فقالوا : «الله» ؛ واستدلوا على ذلك بقول الشاعر : [مخلّع البسيط]
__________________
(١) ينظر الإملاء : ١ / ٥.
(٢) في أ : نقله.
(٣) صالح بن زياد السوسي الرقي ، أبو شعيب : مقرىء ضابط للقراءات ، ثقة. ينظر الأعلام : ٣ / ١٩١ ، والنشر : ١ / ١٣٤ ، وغاية النهاية : ١ / ٣٣٢.
(٤) ينظر تفسير الرازي : ١ / ٩٢.
(٥) عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الخثعمي السهيلي : حافظ ، عالم باللغة والسير ، ضرير ، ولد في مالقة ، وعمي وعمره ١٧ سنة ، ونبغ فاتصل خبره بصاحب مراكش ، فطلبه إليها وأكرمه ، فأقام يصنّف كتبه ، من كتبه : «الروض الأنف» في شرح السيرة النبوية لابن هشام ، وغيرها من الكتب في التفسير. ولد سنة ٥٠٨ ه ، وتوفي سنة ٥٨١ ه.
انظر : وفيات الأعيان : ١ / ٢٨ ، نكت الهميان : ١٨٧ ، زاد المسافر : ٩٦ ، والأعلام : ٣ / ٣١٣.
(٦) محمد بن عبد الله بن محمد المعافري الإشبيلي المالكي ، أبو بكر بن العربي ، ولد في ٤٦٨ ه. قاصّ من حفاظ الحديث ، بلغ رتبة الاجتهاد في علوم الدين ، صنف كتبا في الحديث ، والفقه ، والأصول ، والتفسير ، والأدب ، ولي قضاء «إشبيلية». توفي في سنة ٥٤٣ ه.
ينظر : وفيات الأعيان : ١ / ٤٨٩ ، ونفح الطيب : ١ / ٣٤ ، وسلوة الأنفاس : ٣ / ١٩٨ ، وبرنامج القرويين : ٥٤٩ ، والأعلام : ٦ / ٢٣٠.
(٧) قال سيبويه : وزعم الخليل أن الألف واللام اللتين يعرّفون بهما حرف واحد ك «قد» وأن ليست واحدة منهما منفصلة من الأخرى ، كانفصال ألف الاستفهام في قوله أأريد ، ولكن الألف كألف «ايم» في «ايم الله» ، وهي موصولة كما أن ألف «ايم» موصولة حدّثنا بذلك يونس عن أبي عمرو ، وهو رأيه.
ينظر سيبويه : ٣ / ٣٢٤.