المنافق زيدا ، وأراد قتله ، فقال زيد : لم تقتلني؟ قال : لأنّ محمدا يحبك ، وأنا أبغضه ، فقال زيد : يا رحمن أغثني ، فسمع المنافق صوتا يقول : ويحك لا تقتله ، فخرج من الخربة ، ونظر فلم ير أحدا ، وأراد قتله فسمع هاتفا أقرب من الأول يقول : لا تقتله ، فخرج فلم ير شيئا ، فرجع ليقتله ، فسمع صائحا أقرب من الأول [يقول] : لا تقتله ، فخرج فرأى فارسا معه رمح ، فضربه الفارس ضربة فقتله ، ودخل الخربة ، فحل وثاق زيد ـ رضي الله عنه ـ وقال له : أما تعرفني؟ فقال : لا ؛ فقال : أنا جبريل حين دعوت كنت في السّماء السابعة فقال الله تعالى : أدرك عبدي ، وفي الثانية كنت في السماء الدنيا ، وفي الثالثة بلغت إلى المنافق.
وأما الميم فمعناه : أنّ من العرش إلى ما تحت الثرى ملكه وملكه.
قال السّديّ (١) رحمهالله تعالى : أصاب الناس قحط على عهد سليمان عليه الصّلاة والسّلام ، فأتوه فقالوا له : يا نبيّ الله ، لو خرجت بالناس إلى الاستسقاء ، فخرجوا فإذا سليمان ـ عليه الصّلاة والسلام ـ بنملة قائمة على رجليها باسطة يديها ، وهي تقول : اللهم ، إنّا خلق من خلقك ، ولا غنى [لنا](٢) عن فضلك ، قال : فصبّ الله ـ تعالى ـ عليهم المطر ، فقال : قد استجيب لكم بدعاء غيركم.
قال عليه الصّلاة والسلام : «من رفع قرطاسا من الأرض فيه (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) إجلالا لله ـ تعالى ـ كتب عند الله من الصّدّيقين (٣) وخفّف عن والديه ، ولو كانا مشركين».
__________________
ـ الحائط ؛ وهي ناحية ذات نخيل وأعناب ومزارع وأودية ، وهي على ظهر «جبل غزوان» ، وبها عقبة مسيرة يوم للطالع من مكة ، ونصف يوم للهابط إلى مكة ، يمشي فيها ثلاثة أجمال بأحمالها ينظر مراصد الاطلاع : ٢ / ٨٧٧.
(١) إسماعيل بن عبد الرحمن السدي : تابعي حجازي الأصل ، سكن الكوفة قال فيه ابن تغري بردي : «صاحب التفسير والمغازي والسير ، وكان إماما عارفا بالوقائع وأيام الناس» توفي في ١٢٨ ه. ينظر النجوم الزاهرة : ١ / ٣٠٨ ، اللباب : ١ / ٥٣٧ ، الأعلام : ١ / ٣١٧ التاريخ الكبير : ١ / ٣٦١ ، وأخبار أصبهان : ١ / ٢٠٤ ـ ٢٠٦.
(٢) في أ : لي.
(٣) رواه الدارقطني في «الأفراد» عن أبي هريرة رفعه ، ولأبي الشيخ عن أنس رفعه : «من رفع قرطاسا من الأرض فيه بسم الله إجلالا كتب من الصدّيقين». ومثله في الحكم كل اسم معظم. وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان : ٢ / ٨٤ والخطيب في التاريخ : ١٢ / ٢٤١ والسهمي في تاريخ جرجان (٤٤٠) وأورده ابن الجوزي في العلل ١ / ٨١ وابن الشجري في الأمالي ١ / ٨٧ ، والسيوطي في الدر المنثور ١ / ١١ والشوكاني في فوائده (٢٧٧) وابن عراق في تنزيه الشريعة ١ / ٢٦٠ وقال ورواه ابن عدي من حديث أنس وفيه أبان وأبو حفص العبدي ، وتعقب بأنه جاء أيضا من حديث أبي هريرة أخرجه الدارقطني في «الأفراد» ، ومن حديث علي أخرجه ابن الجوزي في «الواهيات» وقال : في سند كل منهما من كذب فلا يصلحان شاهدا ، والله أعلم ، وبأن للجملة الأخيرة منه طريقا أخرى عن أنس عند الديلمي في مسند الفردوس. ولها شاهد قوي عند البيهقي في الشّعب عن علي موقوفا بلفظ : «تنوق رجل في بسم الله الرحمن الرحيم فغفر له» ، وله حكم الرفع.