وقال مجاهد (١) ـ رضي الله عنه ـ «فاتحة الكتاب أنزلت بالمدينة» (٢).
قال الحسين بن الفضل : «لكلّ عالم هفوة» وهذه نادرة من مجاهد ؛ لأنه تفرّد بها ، والعلماء على خلافه.
وقد صحّ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم وفخم أنها أوّل ما نزل من القرآن وأنها السبع المثاني ، [وسورة الحجر مكية] بلا خلاف ، ولا يمكن القول بأن النبي صلىاللهعليهوسلم كان ب «مكة» بضع عشرة سنة بلا فاتحة الكتاب.
قال بعضهم : ويمكن الجمع بين القولين بأنها نزلت مرّتين : مرة ب «مكّة» ، ومرة ب «المدينة».
ولها أسماء كثيرة ، وكثرة الأسماء تدلّ على شرف المسمّى :
فالأول : «فاتحة الكتاب» سمّيت بذلك ؛ لأنه يفتتح بها في المصاحف والتّعليم ، والقراءة في الصلاة. وقيل : لأنها أوّل سورة نزلت من السماء.
الثاني : سورة الحمد ؛ لأنّ أولها لفظ الحمد.
الثالث : «أمّ القرآن» قيل : لأنّ أمّ الشيء أصله ، ويقال لمكة : أمّ القرى ، لأنها أصل البلاد ، دحيت الأرض من تحتها.
وقال الثّعلبيّ (٣) : سمعت أبا القاسم بن حبيب قال : سمعت أبا بكر القفال قال : سمعت أبا بكر بن دريد (٤) يقول : «الأمّ في كلام العرب الراية التي ينصبها العسكر».
__________________
(١) مجاهد بن جبر بإسكان الموحدة ، مولى السائب بن أبي السائب أبو الحجّاج المكي المقرىء ، الإمام ، المفسّر ، روى عن ابن عباس وقرأ عليه قال مجاهد : عرضت على ابن عباس ثلاثين مرة. روى عن الصحابة. وثقه ابن معين وأبو زرعة. ولد سنة ٢١ ه ، وتوفي بمكة وهو ساجد سنة ١٠٢ ه وقيل غير ذلك ينظر الخلاصة : ٣ / ١٠ (٦٨٥٤) ، وصفة الصفوة : ٢ / ٢٠٨ ـ ٢١١ ، وميزان الاعتدال : ٣ / ٤٣٩ ـ ٤٤.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور : (١ / ٢٠) لوكيع والفريابي في تفسيرهما ، وأبي عبيد في «فضائل القرآن» ، وعبد بن حميد وابن المنذر في «تفسيره» ، وابن الأنباري في «المصاحف» ، وأبي الشيخ في «العظمة» ، وأبي نعيم في «الحلية» من طرق عن مجاهد.
(٣) أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، مفسر ، من أهل نيسابور ، له اشتغال بالتاريخ من كتبه عرائس المجالس ، الكشف والبيان في تفسير القرآن توفي ٤٢٧ ه.
ينظر ابن خلكان : ١ / ٢٢ ، إنباه الرواة : ١ / ١١٩ ، البداية والنهاية : ١٢ / ٤٠ ، آداب اللغة : ٢ / ٣٢١ ، الأعلام : ١ / ٢١٢.
(٤) محمد بن الحسن بن دريد الأزدي ، أبو بكر من أئمة اللغة والأدب ، كانوا يقولون : ابن دريد أعلم الشعراء وأشعر العلماء ولد في البصرة في ٢٢٣ ه. من كتبه الاشتقاق ، الجمهرة ، المجتبى ، الأمالي ، اللغات ، الوشاح وغيرها توفي ٣٢١ ه.
ينظر إرشاد الأريب : ٦ / ٤٨٣ ، وفيات الأعيان : ١ / ٤٩٧ ، المرزباني : ٤٦١ ، نزهة الألبا ٣٢٢ ، الأعلام : ٦ / ٨٠.