قال قيس بن الخطيم (١) : [الوافر]
٣٦ ـ نصبنا أمّنا حتّى ازعررّوا |
|
وصاروا بعد ألفتهم شلالا |
فسمّيت هذه السورة بأم القرآن ؛ لأن مفزع أهل الإيمان إلى هذه السورة ، كما أن مفزع العسكر إلى الراية. والعرب تسمي الأرض أمّا ، لأن معاد الخلق إليها في حياتهم ومماتهم ، ولأنه يقال : أمّ فلان فلانا إذا قصده.
والرابع : السبع المثاني ، سمّيت بذلك ؛ قيل : لأنّها مثنى نصفها ثناء العبد للربّ ، ونصفها عطاء الرّبّ للعبد.
وقيل : لأنها تثنّى في الصلاة ، فتقرأ في كل ركعة.
وقيل : لأنها مستثناة من سائر الكتب ، قال عليه الصلاة والسلام : «والّذي نفسي بيده ما أنزلت في التّوراة ، ولا في الإنجيل ، ولا في الزّبور ، ولا في الفرقان (٢) مثل هذه السّورة ، فإنها السّبع المثاني ، والقرآن العظيم».
وقيل : لأنها سبع آيات ، كلّ آية تعدل قراءتها بسبع من القرآن ، فمن قرأ الفاتحة أعطاه الله ـ تعالى ـ ثواب من قرأ كلّ القرآن.
وقيل : لأنها نزلت مرّتين : مرة ب «مكة» ومرة ب «المدينة».
وقيل : لأن آياتها سبع ، وأبواب النيران سبعة ، فمن قرأها غلّقت عنه [أبواب النيران السبعة].
والدّليل عليه ما روي أن جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم ـ : «يا محمد ، كنت أخشى العذاب على أمّتك ، فلما نزلت الفاتحة أمنت ، قال : لم يا جبريل؟ قال : لأنّ الله ـ تعالى ـ قال : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) [الحجر : ٤٣ ، ٤٤] ، وآياتها سبع ، فمن قرأها صارت كلّ آية طبقا على كلّ باب من أبواب جهنّم ، فتمر أمتك عليها سالمين».
وقيل : لأنّها إذا قرئت في الصلاة تثنّى بسورة أخرى.
وقيل : سمّيت مثاني ؛ لأنها أثنية على الله تعالى ومدائح له.
__________________
(١) قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي ، أبو يزيد : شاعر الأوس ، وأحد صناديدها في الجاهلية. أول ما اشتهر به تتبعه قاتلي أبيه وجده حتى قتلهم وقال في ذلك شعرا. وله في وقعة «بعاث» التي كانت بين الأوس والخزرج ، قبل الهجرة ، أشعار كثيرة. أدرك الإسلام وتريث في قبوله ، فقتل قبل أن يدخل فيه نحو ٢ ق ه. شعره جيد ، وفي الأدباء من يفضله على شعر حسان. له «ديوان». ينظر : الأعلام : ٥ / ٢٠٥ ، الأغاني : ٢ / ١٥٤ ، والإصابة : ت ٧٣٥٠.
(٢) في أ : القرآن.