الخامس : «الوافية» كان سفيان بن عيينة (١) ـ رضي الله عنه ـ يسمّيها بهذا الاسم.
وقال الثّعلبيّ : وتفسيرها أنها لا تقبل التّنصيف ، ألا ترى أنّ كلّ سورة من القرآن لو قرىء نصفها في ركعة ، والنصف الثاني في ركعة أخرى لجاز؟ وهذا التّنصيف غير جائز في هذه السورة.
السادس : «الوافية» سمّيت بذلك ؛ قيل : لأن المقصود من كل القرآن الكريم تقدير أمور
أربعة : الإلهيّات ، والمعاد ، والنّبوّات ، وإثبات القضاء والقدر لله ـ تعالى ـ فقوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة : ٢ ـ ٣] يدلّ على الإلهيات.
وقوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة : ٤] يدلّ على المعاد.
وقوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : ٥] يدلّ على نفي الجبر ، والقدرة على إثبات أنّ الكلّ بقضاء الله وقدره.
وقوله تعالى (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٦] إلى آخرها يدلّ ـ أيضا ـ على إثبات قضاء الله ـ تعالى ـ وقدره.
وعلى النّبوّات كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
السابع : «الكافية» لأنها تكفي عن غيرها ، وغيرها لا يكفي عنها ، روى محمود بن الرّبيع (٢) ، عن عبادة بن الصّامت (٣) ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : قال رسول الله صلّى الله
__________________
(١) سفيان بن عيينة بن أبي عمر الهلالي مولاهم أبو محمد الأعور الكوفي أحد أئمة الإسلام. عن عمرو بن دينار والزهري ، وزيد بن أسلم وصفوان بن سليم ، وخلق كثير. وعنه شعبة ومسعر من شيوخه وابن المبارك من أقرانه وأحمد وإسحاق ، وابن معين وابن المديني وأمم. قال العجلي : هو أثبتهم في الزهري ، كان حديثه نحو سبعة آلاف. وقال ابن عيينة : سمعت من عمرو بن دينار ما لبث نوح في قومه. وقال ابن وهب : ما رأيت أعلم بكتاب الله من ابن عيينة. وقال الشافعي : لو لا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز. مات سنة ثمان وتسعين ومائة ، ومولده سنة سبع.
ينظر ترجمته في : تهذيب الكمال ١ / ٥١٤ ، تهذيب التهذيب ٤ / ١١٧ ، تقريب التهذيب : ١ / ٣١٢ ، خلاصة تهذيب الكمال : ١ / ٣٩٧ ، الكاشف : ١ / ٩ ، تاريخ البخاري الكبير : ٤ / ٩٤ ، الجرح والتعديل : ٤ / ٩٧٤ ، ١ / ٣٢ ، ميزان الاعتدال : ٢ / ١٧٠ ، طبقات ابن سعد : ٩ / ٨٣ ، البداية والنهاية : ١٠ / ٢٠٥ ، ٢١٨ ، ٢٣٩ ، ٢٤٤ ، الوافي بالوفيات : ١٥ / ٢٨١ ، الحلية : ٧ / ٢٧٠.
(٢) محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو بن زيد بن عبدة بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج الأنصاري ، أبو محمد المدني ، نزيل بيت المقدس عن النبي صلىاللهعليهوسلم وعن عبادة بن الصامت ، وحفظ عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه مجّ في وجهه من دلو وهو ابن خمس سنين. وعنه أنس أكبر منه والزهري.
قال الواقدي : مات سنة تسع وتسعين.
ينظر : الخلاصة ٣ / ١٤ ، ثقات ابن حبان ٣ / ٣٩٧ ، تهذيب الكمال ٢٧ / ٣٠١ ، الكاشف ت (٥٤١٣) ، والإصابة ت (٨٧١٨).
(٣) عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصاري أبو الوليد شهد العقبتين وبدرا ، وهو أحد النقباء ، له مائة وأحد وثمانون حديثا ، اتفقا ـ