وقرىء (١) : «مالك» بالألف.
قال الأخفش (٢) ـ رحمهالله تعالى ـ يقال : ملك بيّن الملك ـ بضم الميم ، و «مالك» من «الملك» بفتح الميم وكسرها.
وروي ضمّها ـ أيضا ـ بهذا المعنى.
وروي عن العرب : «لي في هذا الوادي ملك وملك وملك» مثلّث الفاء ، ولكن المعروف الفرق بين الألفاظ الثّلاثة :
فالمفتوح : الشّدّ والرّبط.
والمضموم : هو القهر والتسلّط على من يتأتّى منه الطاعة ، ويكون باستحقاق وغيره ، والمقصور : هو التّسلّط على من يتأتّى منه الطاعة ومن لا يتأتى منه ، ولا يكون إلّا باستحقاق ؛ فيكون بين المقصور والمضموم عموم وخصوص من وجه.
وقال الرّاغب (٣) : الملك أي «بالكسر» كالجنس للملك ، أي «بالضّم» فكلّ ملك «بالكسر» ملك ، وليس كلّ ملك ملكا ، فعلى هذا يكون بينهما عموم وخصوص مطلق ، وبهذا يعرف الفرق بين ملك ومالك ، فإنّ ملكا مأخوذة من الملك بالضم ومالكا مأخوذ من الملك «بالكسر» وقيل : إنّ الفرق بينهما : أنّ الملك : اسم كلّ من يملك السياسة ، إمّا في نفسه ، بالتمكّن من زمام قواه وصرفها عن هواها.
وإمّا في نفسه وفي غيره ، سواء تولى ذلك أو لم يتولّ.
وقد رجّح كلّ فريق إحدى القراءتين على الأخرى ترجيحا يكاد يسقط القراءات الأخرى ، وهذا غير مرضيّ ؛ لأنّ كلتيهما متواترة ، ويدلّ على ذلك ما روي عن ثعلب ـ رحمهالله تعالى ـ أنه قال : إذا اختلف الإعراب في القرآن عن السّبعة ، لم أفضّل إعرابا على إعراب في القرآن ، فإذا خرجت إلى كلام الناس ، فضّلت الأقوى. نقله أبو عمرو الزّاهد في «اليواقيت».
قال أبو شامة (٤) ـ رحمهالله : ـ قد أكثر المصنّفون في القراءات والتفاسير من التّرجيح
__________________
(١) وبها قرأ عاصم ، والكسائي. ينظر السبعة : ١٠٤ ، والحجة للفارسي : ١ / ٥.
(٢) ينظر معاني القرآن : ٥٥٠.
(٣) ينظر المفردات : ٤٩٣.
(٤) عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي أبو القاسم : شهاب الدين أبو شامة ، مؤرخ محدث باحث. توفي سنة ٦٦٥ ه. فوات الوفيات : ١ / ٢٥٢ ، بغية الوعاة : ٢٩٧ ، غاية النهاية : ١ / ٣٦٥ ، الأعلام : ٣ / ٢٩٩.