ويجوز أن يكون الكلام [على ظاهره](١) من غير تقدير حذف.
ونسبة «الملك» و «الملك» إلى الزمان في حقّ الله ـ تعالى ـ غير مشكلة ، ويؤيّده ظاهر قراءة من قرأ : «ملك يوم الدّين» فعلا ماضيا ، فإن ظاهرها كون «يوم» مفعولا به والإضافة على معنى «اللام» ؛ لأنّها الأصل.
ومنهم من جعلها في هذا النحو على معنى «في» مستندا إلى ظاهر قوله تبارك وتعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) [سبأ : ٣٣] قال (٢) : المعنى «مكر في اللّيل» إذ اللّيل لا يوصف بالمكر ، إنما يوصف به العقلاء ، فالمكر واقع فيه.
والمشهور أنّ الإضافة : إمّا على معنى «اللام» وإما على معنى [من](٣) ، وكونها بمعنى «في» غير صحيح.
وأمّا قوله تعالى : (مَكْرُ اللَّيْلِ) فلا دلالة فيه ؛ لأنّ هذا من باب البلاغة ، وهو التّجوز في أن جعل ليلهم ونهارهم ماكرين مبالغة في كثرة وقوعه منهم فيهما ؛ فهو نظير قولهم : نهاره صائم ، وليله قائم ؛ وقول الشاعر في ذلك البيت : [البسيط]
٥٤ ـ أمّا النّهار ففي قيد وسلسلة |
|
واللّيل في بطن منحوت من السّاج (٤) |
لما كانت هذه الأشياء يكثر وقوعها في هذه الظروف ، وصفوها بها مبالغة في ذلك ، وهو مذهب حسن مشهور في كلامهم.
و «اليوم» لغة : القطعة من الزّمان ، أيّ زمن كان من ليل ونهار ؛ قال الله تبارك وتعالى : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ) [القيامة : ٢٩ و ٣٠] وذلك كناية عن احتضار الموتى ، وهو لا يختصّ بليل ولا نهار.
وأما في العرف : فهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
وقال الرّاغب : «اليوم» يعبّر به عن وقت طلوع الشمس إلى [غروبها](٥).
وهذا إنّما ذكروه في النّهار لا في اليوم ، وجعلوا الفرق بينهما ما ذكرت ، وقد يطلق اليوم على السّاعة ، قال تبارك وتعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة : ٣] ، وربما عبّر عن الشّدّة باليوم ، يقال يوم أيوم ؛ كما يقال : ليلة ليلاء. ذكره القرطبيّ رحمهالله تعالى.
و «الدّين» مضاف إليه أيضا ، والمراد به ـ هنا ـ الجزاء ؛ ومنه قول الشاعر : [الهزج]
٥٥ ـ ولم يبق سوى العدوا |
|
ن دنّاهم كما دانوا (٦) |
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : فإن.
(٣) سقط في أ.
(٤) ينظر شواهد الكتاب : ١ / ١٦١ ، المقتضب : ٤ / ٣٣١ ، المحتسب : ٢ / ١٨٤ ، الكامل : ٣ / ٤١٠ ، البحر : ٤ / ٣١٥ ، شرح أبيات سيبويه لأبي جعفر النحاس : ٥٤ ، الدر : ١ / ٧١.
(٥) في أ : غروب الشمس.
(٦) البيت للفند الزماني (سهيل بن شيبان) ينظر أمالي القالي : ١ / ٢٦٠ ، وحماسة البحتري : ص ٥٦ ، ـ