يعرف (١) ، وإذا لم يتعرّف ، فلا يكون نعتا لمعرفة ؛ لما عرفت فيما تقدم من اشتراط الموافقة تعريفا وتنكيرا.
وإمّا أن يجعل بدلا ، وهو ضعيف ، لأن البدل بالمشتقات نادر كما تقدم.
والذي ينبغي أن يقال : إنه نعت على معنى أنّ تقييده بالزمان غير معتبر ؛ لأنّ الموصوف إذا عرّف بوصف كان تقييده بزمان غير معتبر ، فكان المعنى ـ والله أعلم ـ أنه متّصف بمالك يوم الدّين مطلقا من غير نظر إلى مضيّ ولا حال ، ولا استقبال ، وهذا مال إليه الزمخشريّ رحمهالله تعالى.
وإضافة «مالك» و «ملك» إلى «يوم الدّين» من باب الاتّساع ؛ إذ متعلّقهما غير اليوم ، والتقدير : مالك الأمر كلّه يوم الدّين.
ونظير إضافة «مالك» إلى الظّرف ـ هنا ـ نظير إضافة «طبّاخ» إلى «ساعات» في قول الشاعر : [الرجز]
٥٣ ـ ربّ ابن عمّ لسليمى مشمعل |
|
طبّاخ ساعات الكرى زاد الكسل (٢) |
إلّا أنّ المفعول في البيت مذكور ـ وهو «زاد الكسل» ، وفي الآية الكريمة غير مذكور ؛ للدلالة عليه.
__________________
(١) اعلم أن اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال ، فإن العرب تضيفه إضافتين :
الأولى : إضافة ؛ طلبا للتخفيف.
الثانية : إضافة على جهة التعريف ، وتكون هذه الإضافة كإضافة سائر الأسماء ، فإذا أضفته على جهة التخفيف ، كان حكمه كحكمه لو لم تضف ؛ فيبقى نكرة ، وإذا أضيف إضافة الأسماء على جهة التخصيص والتعريف ، جرى مجرى الأسماء ، فيجري حينئذ ضاربك ، مجرى غلامك ، وإن كان بمعنى الحال والاستقبال فنقول:
أزيدا أنت ضاربه : إذا لم ترد التعريف ، فإذا أردت التعريف ، فلا يكون في «زيد» إلا الرفع ، ولا يجوز أن ينتصب ، فنقول : أزيد أنت ضاربه ؛ كما تقول : أزيد أنت غلامه ، وإنما لم يجز ل «زيد» أن ينتصب هنا ؛ لأن «ضاربا» إذا أضيف إضافة التعريف ، فلا يجوز أن يعمل ؛ لأنه قد باعد الأفعال ، وما لا يعمل لا يصح أن يفسّر.
انظر من البسيط : (٢ / ١٠٤٠ ـ ١٠٤١) ، وانظر الارتشاف : (٣ / ١٨٦ ـ ١٨٧).
(٢) البيت للشماخ في ديوانه ص ٣٨٩ ، والكتاب ١ / ١٧٧ ، ولجبار بن جزء في خزانة الأدب : ٤ / ٢٣٣ و ٢٣٥ ـ ٢٣٧ و ٢٣٩ ، ٨ / ٢١٢ ، و ٢١٣ ، وشرح أبيات سيبويه : ١ / ١٣ ، وشرح شواهد الإيضاح : ص ١٦٧ ، وشرح المفصل : ٢ / ٤٦ ، ولسان العرب (عسل) ، ومجالس ثعلب : ١ / ١٥٢ ، المخصص : ٣ / ٣٧ ، الكامل : ١١٣ ، البسيط في شرح جمل الزجاجي : ٢ / ٨٨٩ ، الأمالي الشجرية : ٢ / ٢٥٠ ، الدر : ١ / ٧١ ، وأراد بقوله : «ابن عم سليمى» زوجها الشمّاخ ، إذ كانت سليمى هذه زوجا له ، وهذا مما يرجح نسبة الرجز إلى جبار بن جزء.