ورابعها : أنّ «إيّا» عماد وما بعده هو الضمير ، وشذّت إضافته إلى الظاهر في قولهم : «إذا بلغ الرّجل السّتّين ، فإياه وإيّا الشّواب» بإضافة «إيّا» إلى «الشواب» ، وهذا يؤيّد قول من جعل الكاف ، والهاء ، والياء في محلّ جر ، إذا قلت : «إيّاك إيّاه إيّاي (١)» وقد أبعد بعض النّحويّين ، فجعل له اشتقاقا ، ثمّ قال : هل هو مشتقّ من «أوّ» ؛ كقول الشاعر في ذلك :
[الطويل]
٦٢ ـ فأوّ لذكراها إذا ما ذكرتها |
|
........... (٢) |
أو من «آية» ؛ كقوله [الرجز]
٦٣ ـ لم يبق هذا الدّهر من آيائه (٣)
وهل وزنه : «إفعل ، أو فعيل ، أو فعول» ثم صيّره التصريف إلى صيغة «إيّا»؟ وهذا الذي ذكره لا يجدي فائدة ، مع أنّ التصريف والاشتقاق لا يدخلان في المتوغّل في البناء وفيه لغات : أشهرها : كسر الهمزة ، وتشديد الياء ، ومنها : فتح الهمزة وإبدالها هاء مع تشديد الياء وتخفيفها ؛ قال الشّاعر : [الطويل]
__________________
(١) ذهب سيبويه ، وأكثر البصريين ، والأخفش إلى أن الضمير هنا (إيا) ، وما زاد على الضمير فهو حرف يدل على الإفراد والتثنية والجمع ، وعلى الخطاب ، وعلى المتكلم ، وعلى الغيبة. قال الزمخشري : قال أبو حيّان : وهو الذي صحّحه أصحابنا وشيوخنا ، وذهب الخليل والمازني ـ واختاره ابن مالك ـ إلى أنها أسماء مضمرة أضيف إليها الضمير الذي هو «إيا» ؛ لظهور الإضافة في قولهم : فإيا وإيا الشواب ، وهو مردود لشذوذه ، ولم تعهد إضافة الضمائر. وقال أبو حيان : ولو كانت «إيا» مضافة ، لزم إعرابها ؛ لأنها ملازمة لما ادعوا إضافتها إليه ، والمبني إذا لزم الإضافة أعرب ك «أي» بل أولى ، لأن «إيا» لا تنفك و «أي» قد تنفك عن الإضافة ، وذهب الفراء إلى أن اللّواحق هي الضمائر ؛ ف «إيا» حرف زيد دعامة يعتمد عليها اللواحق ، لتنفصل عن المتصل ، ووافقه الزجّاج في أن للواحق ضمير ، إلا أنه قال : إن «إيا» اسم ظاهر أضيف إلى اللواحق ، فهي في موضع جرّ به. وقال ابن درستويه : إنه بين الظاهر والمضمر. وقال الكوفيون : مجموع «إيا» ولواحقها هو الضمير ، فهذه ستة مذاهب. انظرهمع الهوامع : (١ / ٦١) ، والكتاب : (٢ / ٣٥٥) ، وسر صناعة الإعراب : (١ / ٣١١) ، وانظر الإنصاف : (٢ / ٦٩٥) ، وشرح المفصل : (٣ / ٩٨) ، وشرح الكافية : (٢ / ١٢).
(٢) صدر بيت وعجزه :
........... |
|
ومن بعد أرض بيننا وسماء |
ينظر المحتسب : ١ / ٣٩ ، الخصائص : ٢ / ٨٩ ، الهمع : ١ / ١٦ ، الدرر : ١ / ٣٨ ، معاني القرآن : ٢ / ٢٣ ، المنصف : ٣ / ١٢٦ ، الأصول لابن سراج : ٣ / ٣٣٠ ، ابن يعيش : ٤ / ٣٨ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٤٧٤ ، اللسان (أوا) ، النكت والعيون : ١ / ٥٧ ، المحرر الوجيز : ١ / ٧١ ، القرطبي : ١٠١ ، الدر : ٧٣
(٣) صدر بيت وعجزه :
........... |
|
غير أثافيه وأرمدائه |
ينظر أدب الكاتب : ٤٧٥ ، اللسان : رمد ، البحر المحيط : ١ / ١٤٠ ، الدر : ١ / ٧٤.