٦٤ ـ فهيّاك والأمر الّذي إن تراحبت |
|
موارده ضاقت عليك مصادره (١) |
وقال بعضهم : «إياك» بالتخفيف مرغوب عنه ؛ لأنه يصير : «شمسك نعبد» ؛ فإنّ إياة الشمس : ضوؤها ـ بكسر الهمزة ، وقد تفتح. وقيل : هي لها بمنزلة الهالة للقمر ، فإذا حذفت التاء ، مددت ؛ قال : [الطويل]
٦٥ ـ سقته إياء الشّمس إلّا لثاته |
|
أسفّ فلم تكدم عليه بإثمد (٢) |
وقد قرىء (٣) ببعضها شاذّا.
وللضّمائر تقسيم متّسع لا يحتمله هذا الكتاب ، وإنما يأتي في غضونه ما يليق به.
و «نعبد» فعل مضارع مرفوع ؛ لتجرده من الناصب والجازم ، وقيل : لوقوعه موقع الاسم ، وهذا رأي البصريين.
ومعنى المضارع المشابه ، يعني : أنه أشبه (٤) الاسم في حركاته ، وسكناته ، وعدد حروفه ، ألا ترى أنّ «ضاربا» يشبه «يضرب» فيما ذكرت ، وأنه يشيع ويختصّ في الأزمان كما يشيع الاسم ، ويختص في الأشخاص ، وفاعله مستتر وجوبا لما مرّ في الاستعاذة.
والعبادة : غاية التذلل ، ولا يستحقّها إلا من له غاية الإفضال ، وهو الباري ـ تعالى ـ وهو أبلغ من العبودية ؛ لأن العبوديّة إظهار التذلّل ، ويقال : طريق معبّد ، أي : مذلّل بالوطء فيه. وقال طرفة (٥) في ذلك : [الطويل]
٦٦ ـ تباري عتاقا ناجيات وأتبعت |
|
وظيفا وظيفا فوق مور معبّد (٦) |
__________________
(١) البيت لطفيل الغنوي. ينظر ديوانه : ١٠ ، المحتسب : ١ / ٤٠ ، الإنصاف : ١ / ٢١٥ ، ابن يعيش : ٨ / ١١٨ ، ١ / ٤٢ ، الممتع في التصريف : ١ / ٣٩٧ ، التبصرة : ٢ / ٨٥٨ ، شرح الشافية : ٣ / ٣٢٣ ، شرح شواهد الكشاف : ٤ / ٣٩١ ، اللسان (هيا) ، الكشاف : ١ / ٦١ ، شرح ديوان الحماسة : ١١٤٢ ، القرطبي : ١ / ١٠٢ ، الدر : ١ / ٧٤ ، المنصف : ٢ / ١٤٥.
(٢) البيت من معلقة طرفة بن العبد. ينظر ديوانه : ٢١ ، شرح المعلقات للزوزني : ٤٨ ، وللشنقيطي : ٧٠ ، المحتسب : ١ / ٤٠ ، المنصف : ٢ / ١٤٣ ، شرح المعلقات للتبريزي : ١٣٩ ، المسائل البصريات : ١ / ٣١٣ ، اللسان (لما) ، و (مرر) و (كدم) ، القرطبي : ١ / ١٠٢ ، الدر : ١ / ٧٤.
(٣) قرأ بها عمرو بن فائد عن أبيّ. انظر الشواذ : ١ ، والبحر المحيط : ١ / ١٤٠ ، والقرطبي : ١ / ١٤٦.
(٤) في أ : يشبه.
(٥) طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد ، البكري الوائلي ، أبو عمرو : شاعر ، جاهلي ، من الطبقة الأولى.
ولد في بادية البحرين ، وتنقل في بقاع نجد. واتصل بالملك عمرو بن هند فجعله في ندمائه ، ثم أمر بقتله لأبيات بلغ الملك فيها أن طرفة هجاه بها. وأشهر شعره معلقته. ومطلعها : «لخولة أطلال ببرقة ثهمد» وقد شرحها كثيرون من العلماء كان غير فاحش القول في شعره خاصة في الهجاء توفي سنة ٦٠ قبل الهجرة. انظر التبريزي : ٤ / ٨ ، جمهرة أشعار العرب : ٣ / ٨٣ ، الأعلام : ٣ / ٢٢٥.
(٦) ينظر ديوانه : ٢١ ، شرح المعلقات للتبريزي : ١٤٣ ، الخصائص : ٢ / ٣٧٢ ، شرح المعلقات للزوزني : ٥٠ ، الشنقيطي : ٧٠ ، اللسان (عبد) ، الطبري : ١ / ٩٩ ، المحرر الوجيز : ١ / ٧٢ ، الدر : ١ / ٧٤.