والغضب : ثوران دم القلب إرادة الانتقام ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : «اتّقوا الغضب فإنه جمرة توقد في قلب ابن آدم ، ألم تر إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه» (١).
وإذا وصف به الباري ـ تبارك وتعالى ـ فالمراد به الانتقام لا غيره.
قال ابن الخطيب ـ رحمهالله تعالى ـ : هنا قاعدة كلية ، وهي أن جميع الأعراض النّفسانية ـ أعني الرحمة ، والفرح ، والسّرور ، والغضب ، والحياء ، والعتوّ ، والتكبر ، والاستهزاء ـ لها أوائل ولها غايات.
ومثاله : الغضب : فإنّ أوله غليان دم القلب ، وغايته : إرادة إيصال الضّرر إلى [المغضوب عليه ، فلفظ الغضب في حق الله لا يحمل على أوله الذي هو غليان دم القلب ، بل على غايته الذي هو إرادة الإضرار ، وأيضا الحياء](٢) له أول وهو انكسار النفس ، وهذه قاعدة شريفة في هذا الباب.
ويقال : فلان غضبّة : إذا كان سريع الغضب.
ويقال : غضبت لفلان إذا كان حيّا وغضبت به إذا كان ميتا.
وقيل : الغضب تغيّر القلب لمكروه.
وقيل : إن أريد بالغضب العقوبة كان صفة فعل ، وإن أريد به إرادة العقوبة كان صفة ذات.
والضلال : الخفاء والغيبوبة.
وقيل : الهلاك ، فمن الأول قولهم : ضلّ الماء في اللبن.
[وقال القائل](١) : [الوافر]
٩٢ ـ ألم تسأل فتخبرك الدّيار |
|
عن الحيّ المضلّل أين ساروا؟ (٣) |
«والضّلضلة» : حجر أملس يرده السّيل في الوادي.
ومن الثاني : (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) [السجدة : ١٠]. وقيل : الضّلال : العدول عن الطريق المستقيم ، وقد يعبّر به عن النّسيان كقوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) [البقرة : ٢٨٢] بدليل قوله : (فَتُذَكِّرَ) [البقرة : ٢٨٢].
التفسير : قيل : (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) هم اليهود.
__________________
(١) أخرجه الترمذي في السنن مطولا (٤ / ٤٨٣) كتاب الفتن (٣٤) باب ما جاء ما أخبر النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ... (٢٦) حديث رقم (٢١٩١) وقال حديث حسن صحيح ـ وأبو داود الطيالسي في المسند ص (٢٨٦) ـ وأحمد في المسند (٣ / ٦١) ـ والحاكم في المستدرك (٤ / ٥٠٥).
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر الجامع لأحكام القرآن : ١ / ١٠٥ ، الدر المصون : ١ / ٨٦.