قال الزّمخشري : «وفعلوا ذلك ، للجدّ في الهرب من التقاء السّاكنين».
وقد فعلوا ذلك حيث لا ساكنان ؛ قال الشاعر : [الرجز]
٩٠ ـ وخندف هامة هذا العألم (١)
بهمز «العألم».
وقال آخر : [البسيط]
٩١ ـ ولّى نعام بني صفوان زوزأة |
|
........... (٢) |
بهمز ألف «زورأة» ، والظّاهر أنها لغة مطّردة ؛ فإنهم قالوا في قراءة (٣) ابن ذكوان (٤) : «منسأته» بهمز ساكنة : إنّ أصلها ألف ، فقلبت همزة ساكنة.
فإن قيل : لم أتى بصلة «الذين» فعلا ماضيا؟
قيل : ليدلّ ذلك على ثبوت إنعام الله ـ تبارك وتعالى ـ عليهم وتحقيقه لهم ، وأتى بصلة «أل» اسما ليشمل سائر الأزمان ، وجاء مبنيّا للمفعول ؛ تحسينا للفظ ؛ لأنّ من طلبت منه الهداية ، ونسب الإنعام إليه لا يناسبه نسبة الغضب إليه ، لأنه مقام تلطّف ، وترفّق لطلب الإحسان ، فلا يحسن مواجهته بصفة الانتقام.
والإنعام : إيصال الإحسان إلى الغير ، ولا يقال إلا إذا كان الموصل إليه الإحسان من العقلاء ، فلا يقال : أنعم فلان على فرسه ، ولا حماره.
__________________
(١) البيت للعجاج ينظر ديوانه : ١ / ٢٩٩ ، الممتع : ٣٢٤ ، سر الصناعة : ١ / ١٠١ ، رصف المباني : ٥٦ ، شرح المفصل لابن يعيش : ١٠ / ١٣ ، اللسان (علم) ، ضرائر الشعر : ٢٢٣ ، المقرب : ٢ / ٥١٧ ، إعراب ثلاثين سورة : ٢٢ ، شرح الشافية للرضي : (٣ / ٢٠٥) ، الجامع لأحكام القرآن : ٩٧ ، روح المعاني : ١ / ٩٦ ، الدر : ١ / ٨٥.
(٢) صدر بيت لزيد بن كثوة وعجزه :
........... |
|
لما رأى أسدا في الغاب قد وثبا |
ينظر الخصائص : ٣ / ١٤٥ ، الممتع : ٣٢٥ ، المحتسب : ١ / ٣١٠ ، سر الصناعة : ١ / ١٠٢ ، المقرب : ١٦٠ ، اللسان (زوى) الدر : ١ / ٨٥.
(٣) ستأتي في «سبأ» آية (١٤).
(٤) عبد الله بن أحمد بن بشر ويقال بشير بن ذكوان بن عمرو بن حسان بن داود بن حسنون بن سعد بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر أبو عمرو وأبو محمد القرشي الفهري الدمشقي الإمام الأستاذ الشهير الراوي الثقة شيخ الإقراء بالشام وإمام جامع دمشق. ولد يوم عاشوراء سنة ثلاث وسبعين ومائة وتوفي في يوم الاثنين لليلتين بقيتا من شوال وقيل سبع خلون منه سنة اثنين وأربعين ومائتين قال أبو زرعة الدمشقي لم يكن بالعراق ولا بالحجاز ولا بالشام ولا بمصر ولا بخراسان في زمان ابن ذكوان أقرأ عندي منه وقال الوليد بن عتبة الدمشقي ما بالعراق أقرأ من ابن ذكوان. ينظر الغاية : ١ / ٤٠٤ (١٧٢٠).