عنه ـ مع أن عبد الرحمن ، وعبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ كانا يخالفانه ، ونص القرآن أيضا يوجب عدم الإرث ، فلم يتمسّك بعمل [كل](١) الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على سبيل الإطباق ، والاتفاق على وجوب قراءة الفاتحة ، مع أن هذا القول على وفق القرآن ، والإخبار ، والمعقول!
الرابع : أن الأمّة [وإن](١) اختلفت في أنه هل تجب قراءة الفاتحة أم لا؟ لكنهم اتفقوا عليه في العمل فإنك لا ترى أحدا من المسلمين في العرف إلا ويقرأ الفاتحة في الصّلاة ، وإذا ثبت هذا فنقول : إنّ من صلّى ولم يقرأ الفاتحة كان تاركا سبيل المؤمنين ، فيدخل تحت قوله تعالى : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) [النساء : ١١٥] فإن قالوا : إنّ الذين اعتقدوا أنّه لا يجب قراءتها قرءوها لا عن اعتقاد الوجوب ، بل على اعتقاد النّدبية ، فلم يحصل الإجماع على وجوب قراءتها.
فنقول : أعمال الجوارح غير أعمال القلوب ، ونحن قد بيّنّا إطباق الكلّ على الإتيان بالقراءة ، فمن لم يأت بالقراءة كان تاركا طريقة المؤمنين في هذا العمل فدخل تحت الوعيد ، وهذا القدر يكفينا في الدّليل ، ولا حاجة في تقرير هذا الدّليل إلى ادّعاء الإجماع في اعتقاد الوجوب.
الخامس : قوله عزوجل : «قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال العبد : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) يقول الله تعالى : حمدني عبدي ...» (٢) ، إلى آخر الحديث.
وجه الاستدلال : أنه ـ تعالى ـ حكم على كلّ صلاة بكونها بينه وبين العبد نصفين ، ثم بين أنّ هذا التصنيف لم يحصل إلّا بسبب آيات هذه السورة ، ولازم اللازم لازم ، فوجب
__________________
ـ الليل كله بركعة ، قتل في سابع ذي الحجة يوم الجمعة سنة خمس وثلاثين. قال عبد الله بن سلام : لقد فتح الناس على أنفسهم بقتل عثمان باب فتنة لا يغلق إلى يوم القيامة. رضي الله عنه.
ينظر ترجمته في تهذيب الكمال : ٧ / ١٣٩ (٢٨٩). تقريب التهذيب : ٢ / ١٢ ، تاريخ البخاري الكبير : ٦ / ٢٠٨ ، الجرح والتعديل : ٦ / ١٦٠ ، تاريخ الثقات : ١١٠٩ ، شذرات الذهب : ١ / ١٠ ، ٢٥ ، ٣٠ ، ٣٣ ، ٤٣ ، ٤٥ ، نسب قريش : (١١٠) ، جمهرة أنساب العرب : ٨٣ ، أنساب الأشراف : ٤٤ ، ٤٥.
(١) سقط في أ.
(١) سقط في أ.
(٢) أخرجه الترمذي في السنن (٥ / ٥٦٩) كتاب المناقب (٥٠) باب في مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كليهما (١٦) حديث رقم (٣٦٦٢) وقال أبو عيسى هذا حديث حسن.
وابن ماجه في السنن المقدمة حديث رقم (٩٧).
وأحمد في المسند (٥ / ٣٨٢ ، ٣٨٥ ، ٣٩٩ ، ٤٠١ ، ٤٠٢) ، والبيهقي في السنن (٥ / ١٢) ، (٨ / ١٥٣) ـ وابن حبان في الموارد حديث رقم (٢١٩٣) ـ والطبراني في الكبير (٩ / ٦٨) ـ والحاكم في المستدرك (٣ / ٧٥) ـ وذكره الهيثمي في الزوائد : (٩ / ٥٦ ، ٢٩٨) والهندي في كنز العمال حديث رقم (٣٦٥٦) ، (٣٢٦٤٦) ، (٣٢٦٥٧) ، (٣٣١١٧) ، (٣٣٦٧٩).