__________________
ـ وذهب آخرون : إلى أنه «حجّة إلهيّة» ، وضعها الشارع لمعرفة حكمه ؛ فهو أمر موجود في ذاته ، وليس فعلا لأحد ؛ ولذلك يقال : القياس مظهر لا مثبت. فنقول : تعريف القياس ، بناء على أنّه التّسوية في الحكم. وأصحاب الرأي الذاهب إلى أن القياس هو التسوية في الحكم ، عرّفوه بعبارات مختلفة نقتصر منها بأربعة ، وهذا نصها :
١ ـ قال البيضاويّ في «المنهاج» : القياس إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر ، لاشتراكهما في علّة الحكم عند المثبت.
قال السّبكيّ في «الإبهاج» : هذا التعريف أيّده الإمام في «المعالم» ، ويؤخذ من ذلك ؛ أنّه لم يذكره في «المحصول» ، وإلّا فنسبته إلى «المحصول» الذي هو أصل «المنهاج» أقرب. وقال العلامة جمال الدين الإسنويّ : «هذا التعريف هو المختار عند الإمام وأتباعه».
وفي الحقيقة : إن هذا التعريف مذكور في «المحصول» وإن أصله لأبي الحسين البصريّ ، وأنّ الإمام غيّر بعض قيوده بما هو أحسن منها.
ونصّ عبارة «المحصول» : هو أنه تحصيل حكم الأصل في الفرع ؛ لاشتباههما في علّة الحكم عند المجتهد ؛ وهو قريب ، وأظهر منه أن يقال : إثبات مثل حكم معلوم لمعلوم آخر ؛ لاشتباههما في علّة الحكم عند المثبت ، وهذا التعريف هو عين ما ذكره في «المنهاج» ، غير أنه أبدل «اشتباههما» ب «اشتراكهما» ومعناهما واحد.
٢ ـ وقال ابن السّبكيّ في «جمع الجوامع» : القياس حمل معلوم على معلوم لمساواته في علّة حكمه عند الحامل.
وأصل هذا التعريف للقاضي أبي بكر الباقلّانيّ ، وعبارته على ما في «المحصول والإحكام» و «البحر المحيط» للزركشيّ ، و «البرهان» لإمام الحرمين هي : «القياس حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما ؛ بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة أو نفيهما عنه» ، هذا ، وقد ذكر أمير بادشاه في «تيسير التّحرير» : أن هذا التعريف ليس هو لفظ القاضي ، بل معناه ؛ إذ لفظه في تعريف «القياس» : «حمل أحد المعلومين على الآخر في إيجاب بعض الأحكام لهما ، أو إسقاطه عنهما بأمر جامع بينهما فيه أيّ أمر كان من إثبات صفة وحكم لهما ، أو نفي ذلك عنهما» ونلاحظ على كلا النقلتين أنه لا تنافي بين التعريفين المذكورين ؛ فالكلام على أحدهما يعتبر كلاما على الآخر.
٣ ـ وقال صدر الشّريعة في «التوضيح» : القياس تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع ؛ لعلّة متّحدة لا تدرك بمجرّد فهم اللّغة.
٤ ـ وقال أبو منصور الماتريديّ : القياس : إبانة مثل حكم أحد المذكورين بمثل علّته في الآخر.
وتعريف القياس ، بناء على أنّه المساواة في العلّة الرأي الذّاهب إلى أنّ القياس هو المساواة في العلّة عرّفوه بعبارات مختلفة نقتصر منها بأربعة ، وهذا نصها :
١ ـ قال الآمديّ في «الإحكام» : المختار في حدّ القياس أن يقال : إنّه عبارة عن الاستواء بين الفرع والأصل في العلّة المستنبطة من حكم الأصل.
٢ ـ وقال الكمال في «التحرير» : وفي الاصطلاح : مساواة محلّ لآخر في علّة حكم له شرعيّ ، لا تدرك من نصّه بمجرّد فهم اللّغة.
٣ ـ وقال ابن الحاجب في «المختصر» : وفي الاصطلاح : مساواة فرع لأصل في علّة حكمه. ـ