وأنشد سيبويه لغيلان : [الرجز]
٩٩ ـ نادوهم أن الجموا ، ألا تا |
|
قالوا جميعا كلّهم ألا فا (١) |
أي : لا تركبوا ، قالوا : بلى فاركبوا.
وأنشد قطرب : [الرجز]
١٠٠ ـ جارية قد وعدتني أن تا |
|
تدهن رأسي وتفلّيني وتا (٢) |
السّابع : كلّ واحد منها يدلّ على صفات الأفعال ، ف «الألف» آلاؤه ، و «اللّام» لطفه ، و «الميم» مجده ، قاله محمد بن كعب القرظي.
الثّامن : بعضها يدلّ على أسماء الله ـ تعالى ـ وبعضها يدلّ على أسماء غير الله تعالى.
قال الضّحاك : «الألف» من الله ، و «اللام» من جبريل ، و «الميم» من محمد عليه الصّلاة والسلام [أي أنزل الله الكتاب على لسان جبريل عليه الصّلاة والسّلام](٣).
التاسع : ما قاله المبرّد ، واختاره جمع عظيم من المحقّقين ـ أنّ الله ـ تعالى ـ إنّما ذكرها احتجاجا على الكفّار ، وذلك أن الرّسول ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ لما تحدّاهم أن يأتوا بمثل القرآن ، أو بعشر سور ، أو بسورة ، فعجزوا عنه أنزلت هذه الأحرف تنبيها على أن القرآن ليس إلّا من هذه الأحرف ، وأنتم قادرون عليها ، وعارفون بقوانين الفصاحة ، فكان يجب أن تأتوا بمثل هذا القرآن ، فلما عجزتم عنه دلّ ذلك على أنه من عند الله لا من البشر.
العاشر : قول أبي روق (٤) وقطرب : إن الكفّار لما قالوا : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [فصلت : ٢٦] وتواصوا بالإعراض عنه أراد الله ـ تعالى ـ لما أحب صلاحهم ونفعهم أن يورد عليهم ما لا يعرفونه ، ليكون ذلك سببا لإسكاتهم ، واستماعهم لما يرد عليهم من القرآن ، فأنزل الله ـ تعالى ـ عليهم هذه الأحرف ، فكانوا إذا سمعوها قالوا كالمتعجبين : اسمعوا إلى ما يجيء به محمد عليه الصلاة والسلام ، فإذا أصغوا هجم عليهم القرآن فكان ذلك سببا لاستماعهم ، وطريقا إلى انتفاعهم ، فكان كالتنبيه لما يأتي بعده من الكلام كقوله الأول.
__________________
(١) معاني القرآن للزجاج : ١ / ٦٢ ، مجمع البيان : ١ / ٧١ ، زاد المسير : ١ / ٢١.
(٢) ينظر اللسان : «فلا».
(٣) سقط في أ.
(٤) عطية بن الحارث الهمداني أبو روق الكوفي عن أنس وإبراهيم التيمي والشعبي ، وعنه ابناه يحيى وعمارة والثوري ، قال أبو حاتم صدوق.
ينظر الخلاصة : ٢ / ٣٣ (٤٨٧٥) ، تهذيب الكمال : ٢ / ٩٣٩ ، تهذيب التهذيب : ٧ / ٢٢٤ (٤١٢) ، تقريب التهذيب : ٢ / ٢٤.