أحدها : الشّك ؛ قال ابن الزّبعرى (١) : [الخفيف]
١١٢ ـ ليس في الحقّ يا أميمة ريب |
|
...........(٢) |
وثانيها : التّهمة ؛ قال جميل بثينة (٣) : [الطويل]
١١٣ ـ بثينة قالت يا جميل أريتني |
|
فقلت : كلانا يا بثين مريب (٤) |
وثالثها : الحاجات ؛ قال : [الوافر]
١١٤ ـ قضينا من تهامة كلّ ريب |
|
وخيبر ثمّ أجمعنا السّيوفا (٥) |
قال ابن الخطيب (٦) : الريب قريب من الشك ، وفيه زيادة ، كأنه ظن سوء ، تقول : رابني أمر فلان إذا ظننت به سوءا.
فإن قيل : قد يستعمل الريب في قولهم : «ريب الدهر» و «ريب الزمان» أي : حوادثه ، قال تعالى : (نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) [الطور : ٣٠] ويستعمل أيضا فيما يختلج في القلب من أسباب الغيظ ؛ كقول الشاعر : [الوافر]
١١٥ ـ قضينا من تهامة كلّ ريب |
|
........... (٧) |
قلنا : هذان يرجعان إلى معنى الشك ، لأن من يخاف من ريب المنون محتمل ، فهو كالمشكوك فيه ، وكذلك ما اختلج بالقلب فهو غير متيقن ، فقوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ) المراد منه : نفي كونه مظنّة للريب بوجه من الوجوه ، والمقصود أنه لا شبهة في صحته ،
__________________
(١) عبد الله بن الزبعرى بن قيس السهمي القرشي أبو سعد شاعر قريش في الجاهلية كان شديدا على المسلمين إلى أن فتحت مكة فهرب إلى نجران. فقال فيه حسان أبياتا ، فلما بلغته عاد إلى مكة فأسلم واعتذر ، ومدح النبي صلىاللهعليهوسلم فأمر له بحلة توفي نحوه ١ ه.
ينظر الأعلام : ٤ / ٨٧ (٥٢٧) ، ابن سلام : ٥٧ و ٥٨ ، إمتاع الأسماع : ١ / ٣٩١ ، الأغاني : ج ١ و ٤ و ١٤.
(٢) تقدم برقم ١١١.
(٣) جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي أبو عمرو شاعر من عشاق العرب ، افتتن ببثينة من فتيات قومه ، فتناقل الناس أخبارهما ، شعره يذوب رقة ، أقل ما فيه المدح ، وأكثره في النسيب والغزل والفخر ، وكانت منازل بني عذرة في وادي القرى (من أعمال المدينة) ورحلوا إلى أطراف الشام الجنوبية فقصد جميل مصر ، وافدا على عبد العزيز بن مروان ، فأكرمه عبد العزيز وأمر له بمنزل فأقام قليلا ومات فيه سنة ٨٤ ه.
ينظر الأعلام : ٢ / ١٣٨ (١٩٥٠) ، ابن خلكان : ١ / ١١٥ ، الشعر والشعراء : ١٦٦ ، خزانة البغدادي : ١ / ١٩١.
(٤) ينظر ديوانه : «٢٩». القرطبي : (١ / ١١٢) ، الدر : ١ / ٩٢.
(٥) البيت لكعب بن مالك. ينظر اللسان (ريب) ، الصحاح (ريب) ، القرطبي : (١ / ١١٢) ، الرازي : (٢) ١٨ ، الدر : (١ / ٩٢).
(٦) ينظر الفخر الرازي : ٢ / ١٨.
(٧) تقدم برقم (١١٤).