قوله : (إِنَّا مَعَكُمْ) «إنّ» واسمها و «معكم» خبرها ، والأصل في «إنا» : «إننا» لقوله تعالى : (إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً) [آل عمران : ١٩٣] ، وإنما حذفت نوني «إنّ» لما اتصلت بنون «نا» ، تخفيفا.
وقال أبو البقاء (١) : «حذفت النون الوسطى على القول الصحيح ، كما حذفت في «إن» إذا خففت».
و «مع» ظرف والضمير بعده في محلّ خفض بإضافته إليه وهو الخبر ـ كما تقدم ـ فيتعلّق بمحذوف وهو ظرف مكان ، وفهم الظرفية منه قلق.
قالوا : لأنه يدلّ على الصحبة ، ومن لازم الصحبة الظّرفية ، وأما كونه ظرف مكان ، لأنه يخبر به عن الجثث نحو : «زيد معك» ، ولو كان ظرف زمان لم يجز فيه ذلك.
واعلم أن «مع» لا يجوز تسكين عينها إلا في شعر كقوله : [الوافر]
٢١٠ ـ فريشي منكم وهواي معكم |
|
وإن كانت زيارتكم لماما (٢) |
وهي حينئذ على ظرفيتها خلافا لمن زعم أنها حينئذ حرف جرّ ، وإن كان النّحاس ادّعى الإجماع في ذلك ، وهي من الأسماء اللازمة للإضافة ، وقد تقطع لفظا ، فتنتصب حالا غالبا ، تقول : جاء الزيدان معا أي : مصطحبين ، وقد تقع خبرا ، قال الشاعر : [الطويل]
٢١١ ـ حننت إلى ريّا ونفسك باعدت |
|
مزارك من ريّا وشعباكما معا (٣) |
ف «شعباكما» مبتدأ ، و «معا» خبره ، على أنه يحتمل أن يكون الخبر محذوفا ، و «معا» حال.
واختلفوا في «مع» حال قطعها عن الإضافة ؛ هل هي من باب المقصور نحو : «عصى» و «رحا» ، أو المنقوص نحو : «يد» و «دم»؟ قولان :
__________________
(١) ينظر الإملاء : ١ / ٢٠.
(٢) البيت لجرير ينظر ديوانه : ص ٢٢٥ ، وللراعي النميري في ملحق ديوانه : ص ٣٣١ ، وينظر الكتاب : ٢ / ٤٢٨٧ ، أوضح المسالك : ٣ / ١٤٩ ، ولسان العرب (معع) ، وشرح ابن عقيل : ص ٣٩٥ ، وشرح الأشموني : ٢ / ٣٢٠ ، ورصف المباني : ص ٣٢٩ ، والجنى الداني : ص ٣٠٦ ، ومعاني القرآن : (١ / ٥٤) ، والأمالي الشجرية : (١ / ٢٤٥) ، (٢ / ٢٥٤) ، وابن يعيش : (٢ / ١٢٨) ، (٥ / ١٣٨) ، وشرح الكافية الشافية : (٢ / ٩٥١) ، وارتشاف الضرب : (٢ / ٢٦٧) ، وشرح الألفية لابن الناظم : (٣٩٩) ، والتصريح : (٢ / ٤٨ ، ١٩٠) ، ومجمع البيان : (١ / ١١٠) ، والدر المصون : (١ / ١٢٤) شرح أبيات سيبويه : ٢ / ٢٩١ ، المقاصد النحوية : ٣ / ٤٣٢.
(٣) البيت للصمة القشيري ينظر الأغاني : ٦ / ٨ ، ٩ ، وأمالي القالي : ١ / ١٩٠ ، وسمط اللآلي : ص ٤٦١ ، وشرح ديوان الحماسة : ص ١٢١٥ ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٤٣١ ، العيني : (٣ / ٤٣١) ، شرح الألفية لابن الناظم : (٣٩٩) ، والدر المصون : (١ / ١٢٤).