وقيل : حركت بحركة الياء المحذوفة ، فإن الأصل : «اشتريوا» كما سيأتي.
وقيل : هي للجمع فهي مثل : «نحن». وقرىء بكسرها (١) على أصل التقاء الساكنين ، وبفتحها ؛ لأنها أخف.
وأجاز الكسائي همزها تشبيها لها ب «أدؤر» و «أثؤب» وهو ضعيف ؛ لأن ضمها غير لازم.
وقال أبو البقاء : «ومنهم من يختلسها ، فيحذفها لالتقاء السّاكنين ؛ وهو ضعيف جدّا ، لأن قبلها فتحة ، والفتحة لا تدلّ عليها».
وأصل اشتروا : اشتريوا ، فتحركت الياء ، وانفتح ما قبلها ، فقلبت ألفا ، ثم حذفت لالتقاء السّاكنين ، وبقيت الفتحة دالّة عليها.
وقيل : بل حذفت الضّمّة من الياء فسكنت ، فالتقى ساكنان ، فحذفت الياء لالتقائها ساكنة مع «الواو».
فإن قيل : واو الجمع قد حركت ، فينبغي أن يعود السّاكن المحذوف؟
فالجواب : أنّ هذه الحركة عارضة فهي في حكم السّاكن ، ولم يجىء ذلك إلّا في ضرورة الشعر ؛ وأنشد الكسائيّ :
٢١٥ ـ يا صباح لم تنام العشيّا |
|
........... (٢) |
فأعاد الألف لما حركت الميم حركة عارضة.
و «الضّلالة» مفعوله ، وهي : الجور عن القصد ، وفقد الاهتداء ، فاستعير للذهاب عن الصواب في الدين.
و «بالهدى» متعلّق ب «اشتروا» والباء هنا للعوض ، وهي تدخل على المتروك أبدا.
فأما قوله تعالى : (فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) [النساء : ٧٤] ، فإنّ ظاهره أن الآخرة هي المأخوذة لا المتروكة.
فالجواب ما قاله الزّمخشريّ : «أن المراد ب «المشترين» المبطئون وعظوا بأن يغيروا ما بهم من النّفاق ، ويخلصوا الإيمان بالله ـ تعالى ـ ورسوله ، ويجاهدوا في الله حقّ الجهاد ، فحينئذ دخلت «الباء» على المتروك».
والشّراء ـ هاهنا ـ مجاز عن الاستبدال بمعنى أنهم لما تركوا الهدى ، وآثروا الضلالة ، جعلوا بمنزلة المشترين لها بالهدى ، ثم رشح هذا المجاز بقوله تعالى : (فَما
__________________
(١) وهوقراءة ابن أبي إسحاق ويحيى بن يعمر ، وقرأ بالفتح قعنب أبو السمال العدوي ، انظر المحرر الوجيز : ١ / ٩٨ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٠٤ ، والقرطبي : ١ / ١٤٧.
(٢) ينظر الدر المصون : ١ / ١٢٧.