أحدهما : أن يكون حالا على أن الرزق بمعنى المرزوق كالطّحن والرّعي.
والثاني : أن يكون مصدرا منصوبا على المفعول من أجله ، وفيه شروط النصب موجودة.
وأجاز أبو البقاء (١) أن يكون «من الثمرات» حالا من «رزقا» ؛ لإنه لو تأخّر لكان نعتا ، فعلى هذا يتعلّق بمحذوف.
وجعل الزمخشري «من الثمرات» واقعا موقع الثمر أو الثمار ، يعني مما ناب فيه جمع قلّة عن جمع الكثرة نحو : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ) [الدخان : ١٥] و (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨] ، ولا حاجة تدعو إلى هذا ؛ لأن جمع السّلامة المحلّى ب «أل» الّتي للعموم يقع للكثرة ، فلا فرق إذن بين الثّمرات والثّمار ، ولذلك ردّ المحقّقون قول من ردّ على حسّان بن ثابت (٢) رضي الله عنه : [الطويل]
٢٨١ ـ لنا الجفنات الغرّ يلمعن في الضّحى |
|
وأسيافنا يقطرن من نجدة دما (٣) |
قالوا : كان ينبغي أن يقول : «الجفان» ، و «سيوفنا» ؛ لأنه أمدح ، وليس بصحيح ؛ لما ذكرت قبل ذلك.
و «لكم» يحتمل التعلّق ب «أخرج» ، ويحتمل التعلّق بمحذوف ، على أن يكون صفة ل «رزقا». هذا إن أريد بالرزق المرزوق ، وإن أريد به المصدر ، فيحتمل أن تكون الكاف في «لكم» مفعولا بالمصدر واللام مقوية له نحو : «ضربت ابني تأديبا له» أي : تأديبه.
قوله : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) «الفاء» للتسبب أي : تسبب عن إيجاد هذه الآيات الباهرة النهي عن اتخاذكم الأنداد ، و «لا» ناهية ، و «تجعلوا» مجزوم بها ، علامة جزمه حذف النون ، وهي هنا بمعنى تصيّروا.
وأجاز أبو البقاء أن تكون بمعنى : تسمّوا ، وعلى القولين فيتعدى لاثنين.
أولهما : «أندادا».
__________________
(١) ينظر الاملاء : ١ / ٢٤.
(٢) حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري أبو الوليد الصحابي شاعر النبي صلىاللهعليهوسلم وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام ، توفي سنة ٥٤ ه. ينظر تهذيب التهذيب : ١ / ٢٤٧ ، الإصابة : ١ / ٣٢٦ ، خزانة الأدب : ١ / ١١١ ، الأعلام : ٢ / ١٧٦.
(٣) ينظر ديوانه : ص ١٣١ ، وأسرار العربية : ص ٣٥٦ ، وخزانة الأدب : ٨ / ٠٦ ـ ، ١٠٧ ، ١١٠ ، ١١٦ ، ولسان العرب (جدا) ، والكتاب : ٣ / ٥٧٨ ، وشرح المفصل : ٥ / ١٠ ، وشرح شواهد الإيضاح : ص ٥٢١ ، والمحتسب : ١ / ١٨٧ ، والمقاصد النحوية : ٤ / ٥٢٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ٦٧١ ، الخصائص : ٢ / ٢٠٦ ، المقتضب : ٢ / ١٨٨ ، والأشباه والنظائر : ١ / ١٣٥ ، ١ / ١٣٥ ، وشواهد الكتاب : (٢ / ١٨١) ، والدر المصون : (١ / ١٤٩).