قال : كبوه لوجهه. قال سعيد : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
قال الحجاج : اذبحوه. قال سعيد : أما إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، خذها مني حتى تلقاني بها يوم القيامة ، ثم دعا سعيد فقال : اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي.
وكان الحجاج إذا نام يراه في المنام يأخذ بمجامع ثوبه ويقول : يا عدو الله فيم قتلتني؟
فيقول الحجاج : ما لي ولسعيد بن جبير ، ما لي ولسعيد بن جبير (١)؟
ذكر عن الإمام أحمد أنه قال (٢) :
قتل سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج ـ أو قال مفتقر ـ إلى علمه.
٢ ـ مجاهد بن جبر :
هو : مجاهد بن جبر ، أبو الحجاج القرشي المخزومي ، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي. ولد سنة ٢١ ه في خلافة عمر بن الخطاب ، وتوفي سنة ١٠٣ ه (٣).
أحد أئمة التابعين والمفسرين ، وأحد أعلام القراء ، ومن خاصة أصحاب ابن عباس اشتهر بقوة حافظته ، حتى قال ابن عمر وهو آخذ بركابه :
«وددت أن ابني سالما وغلامي نافعا يحفظان حفظك» (٤).
كان مجاهد شغوفا بالعلم وخاصة التفسير. روى الفضل بن ميمون عن مجاهد قال (٥) : عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة.
ويقول أيضا (٦) : عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات ، أقف عند كل آية ، أسأله فيم نزلت وكيف كانت؟
ولا تعارض بين الروايتين ، فالأولى لتمام الضبط والتجويد ، والثانية للعلم والتفسير.
أسند مجاهد عن أعلام الصحابة وعلمائهم : عن ابن عمر ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وابن عمرو ، وأبي سعيد ، ورافع بن خديج ... وروى عنه خلق من التابعين (٧).
__________________
(١) انظر / وفيات الأعيان ١ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، تذكرة الحفاظ ٧١ ـ ٧٣ ، البداية والنهاية ٩ / ١٠١ ـ ١٠٣.
(٢) طبقات ابن سعد ٦ / ٢٦٦ ، وفيات الأعيان ١ / ٢٠٦ ، الأعلام ٣ / ١٤٥.
(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ٤٤٦ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٢ ، البداية والنهاية ٩ / ٢٣٢.
(٤ ، ٥) ميزان الاعتدال ٣ / ٩.
(٤ ، ٥) ميزان الاعتدال ٣ / ٩.
(٦) تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٢.
(٧) البداية والنهاية ٩ / ٢٣٢.