مكانته في التفسير : كان مجاهد أقل أصحاب ابن عباس رواية عنه في التفسير ، وكان أوثقهم.
قال سفيان الثوري (١) : «إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به».
وقال ابن تيمية (٢) : «ولذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم» غير أن بعض العلماء كان لا يأخذ بتفسيره .. يقول أبو بكر بن عياش : قلت للأعمش : ما بال تفسير مجاهد مخالف؟ أو ما بالهم يتقون تفسير مجاهد؟
قال : كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب (٣).
لكن هذا لا يقدح في صدقه وعدالته ، فقد «أجمعت الأمة على إمامته والاحتجاج به. وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة».
ثم إن سؤال أهل الكتاب أمر مباح ـ فيما لا يتعلق بحكم تشريعي ـ أباحه الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (٤).
كان مجاهد ـ رضي الله عنه ـ يعطي عقله حرية واسعة في فهم بعض نصوص القرآن التي يبدو ظاهرها بعيدا ، فإذا ما مر بنص قرآني من هذا القبيل وجدناه ينزله بكل صراحة ووضوح على التشبيه والتمثيل ، وتلك الخطة كانت فيما بعد مبدءا معترفا به ومقررا لدى المعتزلة في تفسير القرآن بالنسبة لمثل هذه النصوص» (٥).
نموذج من تفسير مجاهد : روى ابن كثير أن مجاهدا قال في قوله تعالى : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) قال : أما الظاهرة فالإسلام والقرآن والرسول والرزق ، وأما الباطنة فما ستر من العيوب والذنوب (٦).
وقال في قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) قال : من لم يتب إذا أصبح وإذا أمسى فهو من الظالمين (٧).
٣ ـ عكرمة :
هو : عكرمة بن عبد الله البربري المدني ، مولى عبد الله بن عباس ، يكنى بأبي عبد الله. أصله من البربر بالمغرب (٨).
__________________
(١) تفسير الطبري ١ / ٣٠.
(٢) مقدمة في أصول التفسير ص ٧ لابن تيمية.
(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ٤٦٦ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٣٣٩.
(٤) يقول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
(٥) التفسير والمفسرون ١ / ١٠٨.
(٦ ، ٧) البداية والنهاية ٩ / ٢٣٤.
(٦ ، ٧) البداية والنهاية ٩ / ٢٣٤.
(٨) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٨٧ ، وفيات الأعيان ١ / ٣١٩ ، البداية والنهاية ٩ / ٢٥٤ ، الأعلام ٥ / ٤٣.