قال القرطبي (١) : و «يستحيي» أصله يستحيي عينه ولامه حرفا علة أعلّت «اللام» منه بأن استثقلت الضمة على «الياء» فسكنت ، والجمع مستحيون ومستحيين ، وقد جاء استحى يستحي فهو مستح مثل : استقى يستقي.
وقرأ (٢) به ابن محيصن.
ويروى عن ابن كثير ، وهي لغة «تميم» و «بكر بن وائل» ، نقلت فيها حركة الياء الأولى إلى «الحاء» فسكنت ، ثم استثقلت الضّمة على الثانية ، فسكنت ، فحذف إحداهما للالتقاء ، والجمع مستحون ومستحين ، قاله الجوهري.
ونقل بعضهم أن المحذوف هنا مختلف فيه ؛ فقيل : عين الكلمة ، فوزنه يستفل.
وقيل : لامه ، فوزنه يستفع ، ثمّ نقلت حركة اللّام على القول الأوّل ، وحركة العين على القول الثاني إلى الفاء ، وهي الحاء ؛ ومن الحذف قوله : [الطويل]
٣٢٣ ـ ألا تستحي منّا الملوك وتتّقي |
|
محارمنا لا يبؤ الدّم بالدّم (٣) |
وقال آخر : [الطويل]
٣٢٤ ـ إذا ما استحين الماء يعرض نفسه |
|
كرعن بسبت في إناء من الورد (٤) |
و «استحيي» يتعدّى تارة بنفسه ، وتارة بحرف جرّ تقول : استحييته وعليه : إذا ما استحين الماء ..
واستحييت منه ؛ وعليه :
ألّا تستحي منّا الملوك ..
فيحتمل أن يكون قد تعدّى في هذه الآية إلى أن يضرب بنفسه ، فيكون في محل نصب قولا واحدا ، ويحتمل أن يكون تعدّى إليه بحرف الجر المحذوف ، وحينئذ يجري الخلاف المتقدّم في قوله : (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ).
و «يضرب» معناه : يبيّن فيتعدّى لواحد.
وقيل : معناه التصيير ، فيتعدّى لاثنين نحو : «ضربت الطّين لبنا».
وقال بعضهم : «لا يتعدّى لاثنين إلّا مع المثل خاصة» ، فعلى القول الأوّل يكون
__________________
(١) ينظر القرطبي : ١ / ١٦٨.
(٢) وقرأ بها شبل بن عباد ، ويعقوب ، وهي لغة بني تميم. يجرونها مجرى يستبي. انظر الشواذ : ٤ ، والقراءات الشاذة للشيخ القاضي : ٢٤ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٦٤ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٣٨٢.
(٣) البيت لجابر بن حني التغلبي ينظر شرح اختيارات المفضل : ص ٩٥١ ، ولسان العرب (بوا) ، (مكس) ، والكتاب : ٣ / ٩٥ ، الدر المصون : ١ / ١٦٢.
(٤) ينظر البيت في الكشاف : ١ / ١١٣ ، الدر المصون : ١ / ١٦٢.